عقدت دائرة تنمية الشباب، حلقة نقاش تناولت موضوع واقع التسرب من التعليم في مدارس مدينة القدس: الأسباب والحلول المقترحة وآليات ربط المتسربين في أطر التعليم المهني كأحد الحلول لهذه الظاهرة. وذلك بحضور كل من السادة ممثلي المؤسسات التعليمية المهنية، وباحثين في الحقل بالإضافة الى مؤسسات فاعلة في مجال التعليم والعمل مع الشباب.
وعقدت الحلقة في مقر الاتحاد اللوثري العالمي في بيت حنينا حيث بدأ اللقاء بكلمة ترحيبية من يوسف شاليان مدير برنامج التدريب المهني في اللوثري، والذي شكر الحضور على مشاركتهم وأكد على أهمية طرح موضوع التسرب وطرح خطوات عملية وملموسة لمعالجته.
بدوره قدّم مازن الجعبري مدير دائرة تنمية الشباب مدخلا تقديميا لموضوع اللقاء حيث ناقش حجم المشاكل المقترنة بالتعليم، وطرح الأسئلة الأساسية المطلوب الاجابة عنها خلال اللقاء وعلى مستوى السياسات التعليمية العامة في مدينة القدس لمواجهة ما نعيشها اليوم من تسرب وضعف في الجهاز التعليمي.
التسرب من المدارس: الأسباب، والدوافع، والآثار المترتبة
وفي المحور الأول للنقاش والذي جاء بعنوان: التسرب من المدارس: الأسباب، والدوافع، والآثار المترتبة، قدم الدكتور يحيى حجازي الباحث المهتم بشؤون التعليم في مدينة القدس عدة نتائج خلص اليها من خلال أبحاثه المتنوعة في المجال وركّز على أهم الأسباب التي تؤدي الى التسرب وهي: عدم وجود ظروف داعمة للطالب للبقاء في نظام التعليم، حيث تشير النسب الى ان ما يقارب ال 40% من الطلبة يتركون كرسي التعليم في الصف الحادي عشر ويبدأ الانحدار في مستوى الالتزام في الدوام المدرسي منذ الصف التاسع خاصة لدى الذكور.
ويأتي نقص الصفوف المدرسية كسبب مهم آخر، يليه النقص في الأبنية المدرسية وأنّ غالبية المعلمين غير مؤهلين للعمل مع الطلبة ذوي الخلفيات الاجتماعية والسلوكية الصعبة، وقلة المرشدين الاجتماعيين في مدارس القدس، أما قضية التسريب التي طرحها الدكتور حجازي كمرادف للتسرب، فأسبابها المعايير العالية للتسجيل في المدارس الأكاديمية والمهنية، وشعور الطالب بعدم وجود وسائل دعم لإنهاء مراحل التوجيهي، وشعور الطالب الضعيف بالانتماء الى المدرسة. وفي نفس المحور قدم سمير طرمان مدير قسم التوجيه في مديرية التربية والتعليم في مدينة القدس عدة أسباب تدفع الطلبة الى التسرب ومنها اشعار الطالب بعدم الفائدة منه، والتحصيل الاكاديمي المتدني، وغياب دور أولياء الأمور والزواج المبكر، واعتقال الطلبة الذكور في مدينة القدس، وشعور المعلمين بعدم الأمان الوظيفي مما يؤثر على أدائهم التعليمي.
أمّا في المحور المتعلق بإمكانيات وقدرات مؤسسات التعليم المهني في طرح برامج لمواجهة مشكلة التسرب، فقد قدّم عمر غرابلي مدير عام مدرسة الايتام الصناعية/القدس، ورقة حول دور مدرسة الأيتام في تأهيل هذه الفئة وأكد على أهمية التشبيك بين مدارس التعليم المهني للوصول الى هذه الفئة وايجاد نواة عمل مشتركة. وفي ذات المحور أضافت نائلة جويلس مشرفة مشروع التلمذة المهنية/الغرفة التجارية، معلومات حول تجربة الغرفة التجارية في مجال تشغيل الطلبة المهنيين مؤكدة على أهمية ايجاد تخصص مهنية جديدة توائم السوق، وعلى أهمية تعاون القطاع الخاص في مرحلة التشغيل حيث يتم تقدير فئة العاملين من المهنيين نظرا للحاجة لتخصصات معينة، كما أكدت على أهمية أخذ متغيرات سوق العمل بالحسبان عند تصميم البرامج المهنية.
تأهيل فئة المتسربين لسوق العمل
وفي المحور الخاص بقدرة التعليم المهني على تأهيل فئة المتسربين لسوق العمل،وخصائص هذه الفئة في سوق العمل وسبل دمجها. قدّم هيثم حموري مستشار برنامج تدريب وتشغيل الطلبة المتسربين من مدارس القدس، بعض الملاحظات المتعلقة بتوظيف الطلبة المتخرجين من المدارس المهنية وأهمها أن الخريجين القدامى ذوي خبرة ومعرفة أفضل من الخريجين الجدد وأشار الى قلة المهرة والفنيين في السوق، وطالب القطاع الخاص بدور أكبر لدعم هذه الفئة من ناحية التشغيل ومن ناحية تحسين مستوى المدارس المهنية، وطالب بوجود برامج لقياس قدرات الطلبة بدل برنامج الترفيع التلقائي.
وفي النهاية أشار عوض أبو رميلة مدير وحدة خدمات تشغيل الخريجين الجدد في المؤسسة الفلسطينية للتعليم من أجل التوظيف الى المشاكل المتعلقة بمهارات وأخلاقيات هذه الفئة عند مرحلة التأهيل للتشغيل، حيث تفتقر هذه الفئة للمهارات الحياتية والأخلاقيات اللازمة لدخول سوق العمل، وبقدرة الجنسيين على الاندماج في أماكن العمل، وبدوره أفاد محمود زحايقة مدير اتحاد التجمع المقدسي للإسكان، بالاستعداد الكامل لدى الاتحاد للتعاون مع جميع المدارس المهنية لاستيعاب نسبة من الطلبة لديهم في مجال التشغيل في الاتحاد.
وجاءت معظم التوصيات لتنصب في أهمية العمل المشترك بين الجهات الأكاديمية والمهنية، وأهمية برامج التوجيه المبكرة لحماية الطلبة من التسرب، وايجاد مدارس تشتمل على جميع التخصصات الأكاديمية والمهنية تحت سقف واحد لتخفيف النظرة المجتمعية السلبية نحو التعليم المهني، وضرورة وجود برامج تعليمية مهنية جديدة لدى المدارس المهنية، وتعزيز شعور الطالب بالانتماء نحو مدرسته.
وتأتي هذه الحلقة ضمن جهود دائرة تنمية الشباب في مجال الارشاد والتدريب المهني والتشغيل على مدار السنوات الماضية وآخرها مشروع "تدريب وتشغيل الطلبة المتسربين من المدارس في مدينة القدس"، والذي يهدف الى تدريب وتشغيل 200 طالب وطالب من المتسربين عن مقاعد الدارسة في مدينة القدس، ويتم تنفيذ المشروع بالشراكة مع مؤسسة التعاون وبتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
[email protected]
أضف تعليق