تعتبر الثقافة المعين الأهم للكاتب، لأنه يلجأ إليها عندما يريد تطوير أفكاره والتّعمّق فيها. تعتبر الثقافة دليلاً لكل شخصٍ، يبحث عن آفاق معلوماتيّة أوسع، تحتوي على كل ما يدور من مستجدات واختراعات. لذلك فإن التثقيف الذاتي ضروري جدًّا لكل كاتب، فإن حدّثت أحدهم ترى حديثه معقولاً، تتجلى فيه الروح الثقافية، فأينما وُجِد يثير انطباعًا جيدًا لدى الآخرين.

الحساسية الأدبية قد تخلق نوعًا من النفور بين الكُتّاب أنفسهم، عندما تفصل بينهم هوة التبجّح، لذلك تعمل الثقافة على جَسرها، تخلق بينهم جوًّا حواريًا مرنًا، يُسهم في بناء الثقة بين الكُتّاب... الكتابة تجسد الرؤيا الثقافيّة للكاتب بشكل ظاهر للعيان، من خلال كتاباته، لذلك يتحاشى كتابة مادة لا تُثري فكر القارئ بجديده الإبداعي... لا تُثري أفكاره بأشياء كان يجهلها من قبل.

الثقافة تمنح الكاتب القدرة على العطاء المستمر، من خلال إدراكه لمشاكل المجتمع الكثيرة التي تتطلب منه أن يكون متيقظًا لها، كي يعالجها برؤيا تشع منها النباهة والذكاء. يخوض بعض الكتّاب مجالات عدة في الكتابة، بمعنى أصح لا يركّزون في مجال إبداعهم على موضوع واحد، لأن الإدراك والوعي هُما جزآن لا يتجزآن من الثقافة، إذ يبعثان النّضج الفكري في عقلية الكاتب.

إبداع من دون ثقافة لا يُجدي نفعًا، إذ يبقى فكر الكاتب محدودًا، يمنع حركته الإبداعية من المضي قُدُمًا في آفاق اخرى. انعدام الثقافة يَشل فكر الإنسان، تبقى آفاقه الثقافية محدودة المعالم... الثقافة لها مدخل وحيد وهو عن طريق القراءة الشّاملة، التي تجعل أذهان الكُتّاب منفتحة غير متقوقعة في عالمهم الخاص، تجعلهم يرون الحياة بشكل مختلف عما يراه الآخرون.

أعتبر الثقافة عنصرًا هامًّا للجميع وليس فقط للكتّاب، فبالنسبة للشبان وللفتيات، الثقافة هي الطريق الوحيد نحو بَلوَرةِ منطقهم الاجتماعي السليم، ليتعاملوا مع الأمر الواقع بتفهّم. الثقافة هي الطريق الأمثل لتهذيب تصرّفاتهم. أنا هنا لا أتجاهل أهمية العِلم، فهو يُكسِب الشّبان والفتيات، المعرفة العلمية في مجال اختصاصهم، ويقرّبهم من طبقة المتعلّمين، وتصبح لديهم آراء حديثة غير تقليدية، كما تُشكّل الثّقافة حلقة الوصل بين المواضيع العلمية، لأن العِلم منبع الثقافة التعليمية، والثقافة منبع المعرفة المعلوماتية للجميع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]