في يوم الأعمال الخيرية لعام 2015 ، بعيدا عن ضوضاء المدينة وفي دفيئتين تربويتين مميزتين انطلق فريق من جمعية المنارة لدعم أشخاص مع اعاقة في المجتمع العربي تحت قيادة مهندس الفعالية مجد منادرة الى الصرح التربوي العريق- مدرسة المطران بمدينة الناصرة، حيث استقبل الوفد عدد من الأداريين على رأسهم مديرة المدرسة الدكتورة مارتا سليمان ومركزة التربية الاجتماعية السيدة نادرة صالح. وهناك قامت الأكاديمية والناشطة بجمعية المنارة ابتهال حمدان بتمرير ورشة توعوية أمام طلاب من صفوف التواسع في المدرسة رفعت خلالها حدود الإعاقة الى ما وراء الحدود التي نعرفها بشكل عام وحصلت بالتالي على تعاون وردود افعال من الطلاب ارتقت الى الطموح الذي نصبو الى تحقيقه على أرض الواقع فيما يخص النظرة والتعامل مع اشخاص مع اعاقة.
تاريخ طويل مع المبادرات الاجتماعية
وفي حديث مع مركزة التربية الاجتماعية في مدرسة المطران قالت صالح ان المدرسة تولي الانخراط بهموم المجتمع وأطيافه المختلفة أهمية كبيرة كما ان لمدير عام المنارة المحامي عباس عباس منزلة خاصة في هذا الصرح بوصفه احد خريجي هذه المدرسة. وأشارت الى ان طلاب المطران بالتعاون مع ادارة المدرسة ومجلس الطلاب وكادر المعلمين وضعوا خارطة عمل أهلي تشمل عدة محاور، وهكذا فصفوف السوابع يعملون مع جمعية "الشجعان" لرفع الوعي للسكريين، والثوامن مع المنارة لدعم أشخاص مع اعاقة في المجتمع العربي، وأضافت أن طلاب التواسع تحديدا قد انخرطوا عشية أعياد الميلاد بفعالية مشتركة مع طلاب مدرسة كرم الصاحب من نفس الفئة العمرية (طلاب التواسع) واستنجدوا هذه المرة بمنادرة ليعمل على تجديد التواصل مع أصدقائهم في كرم الصاحب وهذا ما كان. فقد تم اللقاء داخل دفيئة "كرم الصاحب" التي انتظر القيمون عليها ضيوفهم بحرارة وهيّئوا لهم الأجواء للبدء بالعمل مباشرة ودون معوقات. وكان لقاء استعد له القادمون بأحلى الأنغام وأصدق المشاعر بالتأكيد على هوية الانسان كإنسان قبل الإعاقة مهما كانت...
كرم الصاحب.. صرح تربوي أصيل
لم يكن تمرير الورشة في المطران الا مقدمة لما هو آت فقد انضم ما يزيد عن عشرين طالبا برفقة معلمتهم السيدة صالح الى فريق المنارة المتأهب للجزء الثاني من النهار حيث كان من المقرر ان يقوم طلاب المطران بالتعاون مع متطوعي المنارة بتنظيف الساحات التابعة لمدرسة كرم الصاحب وزرع الأشتال إضافة الى إحياء الأسوار بالألوان الجميلة والجمل العربية المحفزة. كان منادرة يحرص على ان يتم توزيع الأدوار وتكليف الجميع بالمهام العديدة وكان الشغل بانتظار الجميع. كان شاقا ولربما حمل الصدمة لبعض الطلاب الذين لم تسمح لهم الظروف قبل اليوم بالقبض على معول او مشط لتحريش الساحات وتحضيرها للزراعة هذا إضافة الى تجميع العشب الجاف والأشواك في أكياس وتحمل الوخز المتكرر تحت حرارة شمس آذار الملتهبة في وسط النهار..لكن العزيمة المكللة بالروح الطيبة طغت على الجميع وكل قام بدوره ومنهم من فضل الالتحاق بالرسامة فيفيان مطر ومرافقتها شهد عيسى، فنيفين التي عملت طويلا بسلك التعليم الخاص تضع نصب أعينها اليوم خدمة هذا الجمهور مواصلة لسيرورة العطاء التي ألفت نفسها فيها. وهكذا بمساعدة شهد ومجموعة موهوبة من طلاب المطران ازدانت جدران "كرم الصاحب" بالرسومات والألوان البهيجة المفرحة. وبين هذا وذاك وترطيبا للأجواء أمسك كل من بلال جمل بعوده وبهجت حمدان بنايه وعزفا أحلى الألحان وامتزجت بها أصوات المتطوعين وانضم اليهم لاحقا الطلاب الصغار الذين خرجوا في نزهة مع معلماتهم الى الحديقة حيث يعمل المتطوعون وعلا صوت الغناء والألحان والمرح. واتضح في هذه المرحلة ان مدرسة المطران تحمل في جعبتها سر الفرح واللقاء الإنساني القائم على البراءة والإنسانية الطاهرة فقد قامت الشابة الموهوبة ماريا صالح باحتضان عود بلال وداعبت أوتاره ليصدح بأنغام جميلة لترافقه هي بصوتها الشجي ويتجمع حولها الكبير والصغير فتكبر الحلقة وتتكاثف في الحديقة الخلفية لمدرسة كرم لصاحب.
يوم الأعمال الخيرية.. من المحلية الى العالمية
يعتبر "يوم الأعمال الخيرية" مشروع القمة السنوي لجمعية "الروح الطيبة" من مجموعة أريسون الذي يقام سنويا ابتداء من سنة 2007 وتتركز خلاله الأعمال التطوعية لصالح المجتمع والبيئة. وفي العام الماضي شاركت 114 بلدة عربية من خلال 1,500 مشروع بمشاركة 120,000 متطوع. ويستقطب يوم الأعمال الخيرية مجالس محلية، بلديات، جمعيات، حركات شعبية.
يشار الى أن مشروع "يوم الأعمال الخيرية" تأسس بواسطة مبادرة من سيدة الأعمال والمتبرعة شيري أريسون, بواسطة جمعية الروح الطيبة من مجموعة أريسون ويقام للسنة الخامسة في انحاء العالم ويتضمن 50 دولة.
فقرة الختام
جرت فقرة الختام في قاعة مدرسة كرم الصاحب حيث أثنت مديرة المدرسة السيدة شروق صوان على الفعالية وشكرت المنارة ومدرسة المطران على التنسيق والحضور وقيمت المجهود الذي قام به الوفد عاليا. كما توجهت في كلمة مؤثرة الى طلابها الصغار الذين شاركوا في جولة كشفية بشوارع مدينة الناصرة عزفوا خلالها أجمل الألحان وشدوا انتباه المارة اليهم والى رسالتهم النبيلة. وقالت صوان "اليوم شاركنا بيوم الأعمال الخيرية وهذا أمر مهم لأننا نعمل خيرا ونلقى خيرا في المقابل".. كما شددت على أهمية روح التطوع. وشكرت الشاب المتميز مجد منادرة على مهنيته في ادارة هذا الفعالية وضبطها بالساعة والدقيقة وهنأت فيه روح العطاء. وفي الحقيقة فإن عددا لا بأس به من المتطوعين في المنارة ساهم مساهمة جبارة في إنجاح الفعالية ونخص بالذكر أمل كنانة المتطوعة في الوحدة القانونية وحنين منادرة التي أخذت على عاتقها مهمة التوثيق بالفيديو والصور هذا اضافة الى العديد من الجنود المجهولين الذين قدموا مثالا يحتذى به تمثل بالعطاء والانضباط. أما مسك الختام فتألف من عدة وصلات غنائية مؤثرة مصحوبة بالعزف على آلة الجيتار والعود قامت ابتهال حمدان بأخذ قسط منها وقام طلاب المطران بالقسط الآخر حيث غنوا وعزفوا أغاني مؤثرة ورقيقة تحمل رسالة التآخي وقهر الظلم والكرامة باللغتين العربية والانجليزية. ودعت مركزة التربية السيدة صالح جميع من في القاعة الى ترديد اغنية يا ناصرة يا ناصرة مع الطلاب والتي تدعو الى التلاحم الأخوي حول المدينة وأهلها بكبارها وصغارها.
أما رسالة جمعية المنارة فهي النهوض بالانسان ككل بغض النظر عن الاعاقة ظاهرة كانت أم غير ظاهرة وتسعى المنارة الى بث هذه الرسالة وتعميمها من خلال الفعاليات الكثيرة التي تقوم بها داخل الجمعية وخارجها. لقد قطعت المنارة شوطا كبيرا في هذا المجال فهي منذ تأسيسها قبل 10 سنوات وضعت نصب عينيها اذكاء الوعي تجاه قضايا الانسان مع اعاقة واتاحة المجال امامه ليمارس حقوقه المدنية والمدينية.
وأخذت المنارة على عاتقها دورا رياديا سواء بمجال رفع الوعي أو بمجال التنمية والتمكين أو بمجال المرافعة القانونية. كما ان المنارة تفعّل عددا لا بأس به من المتطوعين الشباب على مستوى المدارس والجامعات وتسهم بالتالي في تطوير وتنمية روح التطوع في صفوف ابنائنا بناة المستقبل على نحو نسير فيه باتجاه صنع الأعمال الخيرية كل يوم وليس يوما في السنة.
[email protected]
أضف تعليق