يكتب البروفيسور أيال زيسر، في "يسرائيل هيوم" انه مع مرور اربع سنوات على اندلاع الثورة في سوريا والحرب الاهلية الدامية هناك، تفرغت قلة من السوريين للإشارة الى هذا الحدث.
فالثورة، التي اثارت أملا كبيرا بالتغيير، اختطفت منذ زمن، من قبل مجموعات اسلامية راديكالية، من جانب، ومن قبل حزب الله والحرس الثوري الايراني، من جانب آخر، وتحولت الى حرب اهلية وجهادية، جبت حتى اليوم، ارواح حوالي 300 الف سوري. وفقد نصف سكان الدولة التي يسكنها حوالي 10 ملايين نسمة، بيوتهم في المعارك، وهرب حوالي اربعة ملايين سوري الى الدول المجاورة. هذه المأساة لم ينزلها بالسوريين تنظيم داعش او التنظيمات الجهادية الاخرى الفاعلة في سوريا، وانما نظام بشار الأسد، الذي يدير عمليا، حرب ابادة ضد معارضيه وضد الجمهور المدني الذي يدعمهم. وفي هذا الاطار يستخدم بشار السلاح الكيماوي ضد سكان بلاده، وبعد ضبطه، يكتفي اليوم باستخدام قنابل البنزين والكلور والصواريخ المتقدمة والمدفعية الثقيلة، وفوق هذا كله، سياسة التجويع المنهجي والموجه ضد البلدات والقرى المعروفة بتأييدها للمتمردين.
ولكن حسابات بشار حققت نجاحا كما يبدو. صحيح ان صب الزيت على النار واشعال حريق كبير ادى الى تفكك الدولة السورية والى تدمير ثلاثة ارباع بناها الاقتصادية تقريبا – الطرق، خطوط الكهرباء والماء، مؤسسات التعليم والصحة، المصانع وغيرها. ولكن في الوقت ذاته نجح بشار بالقضاء على المعسكر المعتدل الذي كان كل ما طلبه هو التغيير والاصلاح، وبذلك اخلى الطريق امام ارتقاء قوة الجهاديين الذين يقودون الحرب ضد بشار ويسيطرون على معسكرات المتمردين في الهضبة.
بالاضافة الى ضعف المتمردين وفشلهم بتوحيد القوى وتنمية قيادة عسكرية وسياسية فاعلة تقود الثورة وتشكل وزنا مضادا للدولة الاسلامية وانصار القاعدة في سوريا، يجب الاشارة الى غياب الدعم الملموس من خارج الدولة. خلافا لبشار الأسد، الذي يحظى حتى اليوم بدعم من روسيا وبشكل خاص من ايران وحزب الله، لا يتمتع المتمردون بدعم ملموس من الخارج، باستثناء دول مثل قطر وتركيا، المعنية بتعزيز قوة وتأثير القوى الاسلامية التي تدعمها في سوريا اكثر مما يهمها نجاح الثورة. لقد نمت على انقاض الدولة السورية دولة داعش في شرق سوريا، وحكم ذاتي كردي في الشمال، وجيوب للمتمردين الاسلاميين في مركز وجنوب سوريا، وأخيرا دولة بشار الممتدة من دمشق الى حلب على امتداد الشاطئ السوري الذي تسكنه الطائفة العلوية.
وعلى هذه الخلفية اعلن رئيس وكالة الاستخبارات الامريكية جون برنان، خلال محاضرة القاها قبل اسبوع، ان اسقاط نظام الأسد سيفتح ابواب السلطة في دمشق امام تنظيمات الارهاب المتطرف مثل داعش والقاعدة، ويجب بذل كل شيء كي لا يحدث ذلك. ويدعم هذا الموقف وزير الخارجية جون كيري الذي اعلن ان واشنطن لا تستبعد محاورة الاسد وبقائه في السلطة.
وبالفعل، وكما في العراق، حيث تحالفت واشنطن عمليا مع ايران في محاولة لوقف داعش، حتى بثمن تعزيز مكانة طهران في العراق، يوجد في ادارة اوباما من يتلهى كما يبدو بفكرة الاستعانة بايران في سوريا ايضا، ما يعني الاستعانة بحزب الله، لضمان استمرار سلطة بشار كحاجز امام داعش. يمكن للحرب في سوريا ان تطول، لأنه لا تملك أي قوة محاربة هناك القدرة على حسم خصومها. ولكن على الجهات الامريكية التي تعتقد ان مساعدة بشار والتحالف، حتى ولو تكتيكيا، مع ايران سيمنح واشنطن العرفان واصدقاء جدد في المنطقة، ان تأخذ في الاعتبار ان انتصار الاسد وايران وحزب الله سيعزز المسار المعادي لامريكا واسرائيل في المنطقة، وسيشجع اعضاء هذا المسار على العودة الى مسارهم السابق للثورة، مسار التحدي ومقاومة امريكا واسرائيل. ففي نهاية الأمر، لا يعتبر بشار جزء من الحل وانما مصدر المشكلة السورية.
[email protected]
أضف تعليق