يكتب اري شبيط، في "هآرتس" ان الشعب قال كلمته والانتخابات كانت حرة، سرية ومستقيمة. واذا كانت الارض (الاعلامية) منحازة، فقد كانت ضد اليمين. ورغم ذلك، فان الغالبية حددت في قرار ضد التيار، بأن نتنياهو سيكون رئيس الحكومة القادم وان الليكود سيكون الحزب الحاكم، وان الاحزاب الدينية والقومية المتعصبة ستكون جزء لا يتجزأ من السلطة.
من توقع عودة سنة 1999، حصل على صيغة جديدة وقوية لسنة 1996: تمرد هادئ في الانتخابات، ليلة من المفاجآت، تتويج نتنياهو كقيصر. لا يمكن للمواطن الملتزم بالديموقراطية عدم تبني هذه النتائج لأن هذا هو ما قررته الغالبية، والغالبية هي السيادة. وفي خطوة شرعية عرفّت اسرائيل نفسها ثانية كإسرائيل نتنياهو. مع ذلك فان ما حدث هو كارثة.
لقد كانت امام اسرائيل فرصة لحرف المقود في اللحظة الأخيرة، قبل اصطدامها بكتلة جليد اللاشرعية، لكنها قررت الاصطدام بها. كانت هناك فرصة لمنع مواجهة سياسية شعبية على الجبهة الفلسطينية، لكن اسرائيل اختارت المواجهة. بعيون مفتوحة اختارت العمى، وبرأي واضح اختارت النشوة.
عندما تسفك الدماء هنا سيحدث ذلك لأن الغالبية الجديدة – القديمة اختارت عدم رؤية الفلسطينيين والمستوطنات والاحتلال. عندما ستضربنا العقوبات، سيحدث ذلك لأن الغالبية الإسرائيلية الجديدة – القديمة، تنكرت لروح العصر.
لقد انتهت معركة الانتخابات الكئيبة والبائسة بقرار حاد، دفن فرصة حدوث يقظة هنا قبل الاصطدام مع الواقع. ما حدث هنا هو هزة أرضية. قوة الهزة في عام 2015، لا تقل عن قوة الهزة في عام 1977، وفي عام 1981. وهذا ليس صدفة عندما يواجه ثلث الاسرائيليين حالة اكتئاب. يكفي النظر الى تركيبة الكنيست الجديدة: ربع اعضائها فقط يمثلون احزابا ديموقراطية، تلتزم بالديموقراطية بشكل كامل. ويكفي النظر الى تركيبة الحكومة المرتقبة: متدينون، مستوطنون، متعصبون وشعبويين.
هناك عدة قبائل في الدولة، والدينامية العنيفة بينها، هي التي تسبب انشقاق الارض المرة تلو الاخرى، وابتلاع الأمل. وبدل صياغة مركز عقلاني ومتنور، يقود ويخدم المجموع القبلي، خلقنا حربا متواصلة بين القبائل، تجعلنا جميعا نتخذ قرارات غير حكيمة وغير مسؤولة.
لقد زرع يئير غربوز الكراهية، وحصد نتنياهو العاصفة. وحاول الاعلام فرض رأيه على الجموع، فتمردت الجموع عليه. الدائرة السحرية لحرب النخبة ضد الشعب والشعب ضد النخبة، سمحت للساحر بتحويل الأرض المحبوبة الى أرض محروقة. اغواء اليأس كبير. وبعد الصدمة، من السهل تبني الايمان بأن الجمهور الاسرائيلي متعصب – ديني، نصف عنصري ولا يعرف الحدود.
بعد ان استيقظنا على فجر ليلة ظلماء، يمنع الغوص في حالة اكتئاب واهنة. فاليأس ليس خيارا. وهذه الازمة الرهيبة بالذات، تشكل وصية بالعمل. يجب استخلاص العبر وعاجلا. يجب التعلم من الاخطاء. يجب اعادة اختراع العجلة وخلق حراك جماهيري جديد، يقوم بالعمل الحيوي والاخلاقي والسياسي المناسب. انتصار نتنياهو ليس خطيئة، وانما عقاب. عقاب لأننا اظهرنا اللامبالاة والعجرفة، عقاب لأننا كنا سطحيين وفارغين.
اذا استيقظ الجمهور المتنور في إسرائيل في اعقاب هذه الضربة القاصمة التي تلقاها هذا الأسبوع، فسيعم الأمل، وسيكون البديل، وستكون هناك فرصة أخرى. بعد فشلنا المخجل في انتخابات 2015، يجب بدء المعركة القادمة فورا. لا نملك سنة او شهرا او حتى اسبوع ويوم للانتظار. بل يجب البدء فورا.
[email protected]
أضف تعليق