جرى الهجوم على صحيفة شارلي ابدو في باريس بتاريخ 7-1، وبعده بيومين أي بتاريخ 9-1 حدث هجوم آخر على متجر لليهود تم فيه احتجاز رهائن ومقتل أربعة منهم.
وكان لهذا الحدث الأخير وقع لا يختلف عن حادث شارلي ابدو سواءٌ في وسائل الاعلام أم في تصريحات السياسيين.
أما فرنسا فقد بذلت كل ما تستطيعه لتطمين اليهود، إذ شارك رئيس وزراء فرنسا في تأبين الضحايا اليهود وحضر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الجنازات وكانت فرصة لنتنياهو لاتهام الإسلام بالإرهاب والدعوة لهجرة اليهود لإسرائيل وقال مخاطبًا يهود فرنسا: «إسرائيل هي وطنكم».
قبل ذلك، كانت فرنسا قد بادرت بمشروع يهدف لقيام دولة فلسطينية، إذ صوت برلمانها لصالح دعوة الحكومة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعملت على استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي باستئناف مفاوضات السلام واختتامها في غضون عامين.
من ناحيتها، عارضت إسرائيل بشدة التحرك الفرنسي، ووصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها «خطأ جسيم». وكان الفلسطينيون وزعوا -بدعم من الجامعة العربية نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي- مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في موعد أقصاه نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
كل هذه الاحداث لم تردع اسرائيل بل دفعتها للاستمرار ببناء المستوطنات على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم، الامر الذي سبب خيبة أمل للدول الاوروبية التي أيّد معظمها المشروع الفرنسي الذي أثمر الاعتراف بالدولة الفسطينية (اعترافا رمزيا) من قبل العديد من الدول الاوروبية.
فهل كان من قبيل المصادفة أن تولد داعش وتتوزع أذرعها كأخطبوط في بعض البلدان العربية صاحبة القرار والقريبة من حدود إسرائيل، ومع ذلك لا تتجرأ على الاقتراب من الطفلة المدللة للغرب، برغم أن إسرائيل الاقرب لحدود سوريا المخترقة من داعش.
والغريب أن القاعدة رفعت شعار تحرير القدس من ضمن شعاراتها العديدة، أما داعش فلم نسمع في أدبياتها أو إعلامها ما يشير الى الدفاع عن القدس أو استرجاعها، بل إن دور داعش فقط كان في نشر التشدد الذي كان سببا في الهجمات التي طالت اليهود في فرنسا لتثبت بذلك أن الاسلام دين الارهاب وإن اليهود هم شعب الله الفقير المضطهد الذي يستحق الدفاع عنه ضد وحشية التطرف الاسلامي، ولضمان سلامتهم يجب أن يهاجروا الى اسرائيل، وهذا لا يشمل يهود فرنسا فقط بل كل يهود العالم الذين وجه اليهم نتيناهو دعوة ليناموا بأمان في حضن ماما إسرائيل، وبذلك تتوسع المستوطنات في دولة اسرائيل لتقطع كل سبل السلام وامكانية وجود أي دولة فلسطينية.
فهل استحقت فرنسا العقاب إذن، أم هل إن حادثة شارلي ابدو كانت (جرة أذن) لها ولأي دولة اوروبية تحاول المساس بمصالح اسرائيل؟ فكان على فرنسا أن تعي الدرس بأن وقوفها مع الفلسطينيين سيكلفها غاليا وإن العالم، كل العالم يجب أن ينحني لدولة إسرائيل ويخضع لمصالحها؟
وهكذا يضطر العالم، كل العالم للوقوف بوجه الارهاب المتمثل بكل أنواع التطرف، الذي صار بدوره (بابا داعش) لتنتهي الحلقة بـ(الاسلام) الذي كان منذ انبثاقه وما زال مصدر تهديد لليهود.
[email protected]
أضف تعليق