وقع مؤخرا حدثان يستدعيان التفكير والتأمل , بل يثيران الاشمئزاز في مخيلة أي انسان ديمقراطي وليبرالي في اسرائيل , ويبدو كذلك انهما يثيران القلق والغضب لدى كافة انصار ودعاة ألديمقراطية العرب واليهود على حد سواء .

والحدثان هما العربدة العنيفة المنفلتة , والعنصرية التي ابداها ليبرمان تجاه ايمن عودة خلال المناظرة التلفزيونية قبل بضعة ايام , والاعتداء الغاشم الذي ارتكبه ازلام قائمة " ياحد " – ضد حنين زعبي واميلي مواتي .

اعتقد ان حنين زعبي وايمن عودة , كلاهما قائدان ينتميان الى الجزء الرئيسي من المواطنين العرب في اسرائيل , الذي يسعى في نهاية المطاف الى العيش في دولة ديمقراطية ليبرالية يتساوى فيها مواطنوها العرب واليهود . واني اتشارك مع هذه المجموعة بالأهداف , وكم كنت اتمنى ان نتحاور ونتعاون لنقوى معا من اجل تحقيق اهدافنا الرئيسيه المتشابهة الى حد يقارب التطابق , فبذلك نبني مجتمعا مشتركا , هو المجتمع الاوحد الذي اتمنى ان يعيش احفادي فيه .

وقبل ان ادلي برأيي حول هذا النوع من المشاركة الممكنة , اود ان اعبر عن خجلي الشديد من انه يمكن ان تقع في بلادي , بلادنا , حوادث من هذا القبيل , يرتكبها مواطنون يهود , واشعر سوية مع حنين وايمن بالإهانة الشديدة كمواطنين متساويين . انني على ثقة وامل في انني لست وحيدا ولست جزء من اقلية يهودية شعرت بالإساءة الشخصية من الاعتداء العنصري الفظ بحق مواطنين عرب ينتمون الى دولة اسرائيل .
لا اريد ان يكون لي نصيب في دولة هذه هي قيمتها , وآمل ان نوقف سوية اعتداءات الكراهية , والكراهية نفسها , ونهزم الاقلية اليمينية التي تتصرف بهذا الشكل . 

وفيما يتعلق بالقضية ذاتها – قضية انقلاب اليمين المتطرف ضد المواطنين العرب في اسرائيل , فهناك مساران يجب اتباعهما , حتى النهاية لاجتناب هذه الظاهرة من جذورها . فبادئ ذي بدء يجب انهاء حالة الاحتلال المتواصل للفلسطينيين الذي يضع المواطنين العرب في وضعية من التضامن المشروع مع الدولة التي يعيشون فيها , ومع اخوتهم في الاراضي الفلسطينية . واستمرار الاحتلال هو الذي يوفر الحجج والذرائع للمتطرفين العنصريين من امثالب ليبرمان لاستعمال مصطلح " الطابور الخامس " . ويتيح حل النزاع وإنهاء الاحتلال للمواطنين العرب التضامن مع الفلسطينيين دون ان ينظر اليهم اليمين كأعداء ( على الاقل ليس اكثر عداء لليسار اليهودي الذي انتمي اليه ) , وبالمقابل يجب ضمان المساواة الكاملة في الحقوق , والمساواة في تقاسم الموارد الوطنية بين المواطنين اليهود والعرب , وكذلك رفع الضم والإجحاف الناشئين عن سياسات التمييز في الماضي . ان انهاء حالة الاحتلال المستمر هو امر مطلوب لنا جميعا , مواطني اسرائيل اليهود والعرب , بغض النظر عن تعاطفنا وتضامننا مع الفلسطينيين , ومع تطلعاتهم المشروعة لإنهاء الاحتلال .

ومن اجل تحقيق هذا الهدف , يتوجب علينا ان نتشارك في الجهد , فليس اليهود العقلانيون وحدهم بقادرين على تحقيق هذا الهدف , الذي يتطلب تحقيقها في المجتمع العربي :
أ.للمواطنين العرب مصلحة حيوية في رفع نسبة التصويت , قدر الامكان , للقائمة المشتركة لتصبح القائمة الثالثة من حيث الحجم في الكنيست , ولهذا الغرض يجب تجنيد كل ما يمكن من اصوات المواطنين العرب الراغبين في بناء حياة مشتركة مع اليهود في اسرائيل , وحتى لو استثنينا من الحسبان تلك الاطر والفئات العربية التي لا تتقبل اليهود هنا , يبقى الاحتمال قائما بتحصيل اكثر من عشرين مقعدا للنواب العرب في الكنيست ,

ب.يجب خلق نوع من الحوار والتعاون مع اليهود العقلانيين انصار الديمقراطية والمساواة , لتشكيل ائتلاف راسخ يخدم اهدافنا المشتركة , ومن اجل هذا يجب تغيير النظرة لدى المجتمع اليهودي كي يقبل بالعرب كشركاء كاملين في الائتلاف وفي الحكومة , ويجب انهاء الصراع من اجل زوال رفض القادة العرب للمشاركة في حكومة تفرض الاحتلال على شقائهم , لكن بالمقابل يجب احداث تغيير في الخطاب العربي وتحويله الى خطاب اكثر اعتدالا وتسامحا وقبولا , مثلما تصرف ايمن عودة خلال المناظرة التلفزيونية التي كان هو المنتصر الكبير فيها , ملحقا الهزيمة بلبيرمان , بأسلوب يدعو الى الاحترام والتقدير .

تحدثت مؤخرا مع حنين زعبي , معتذرا باسمي عن الفعل القبيح الذي ارتكبه من يدعي انه شقيقي اليهودي . وخلال هذه المحادثة تكلمنا قليلا عن مسألة الخطاب المعتدل , مع تفهمي وقبولي بموقفها ( حسبما فهمته – وآمل ان يكون فهمي صحيحا ) القائل انه في الوضع الراهن هنالك حاجة ومبرر لإتباع تكتيك المجابهة , بالشكل الذي تتبعه هي , الى جانب تكتيك التسامح والاعتدال , الذي يتبعه ايمن عودة .
انني لعلى ثقة من اننا اذا ما نجحنا في انهاء الصراع فلن تكون حاجة لتكتيكات متضاربة , وسيكون بمقدورنا ان نتعاون بالكامل , بشكل يتيح للقائمة العربية الموافقة على المشاركة في الحكومة , ويمكنه الاحزاب اليهودية ان تتشارك معها في حكومة واحدة .
ان خطابا اخف حده ولذعا , يسوده الاحترام المتبادل , كفيل بأن يسهم في بناء تصور مستقبلي يجمع فيما بيننا .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]