كنت في مقالات سابقة قد تعرضت لقضية شبكات التواصل الاجتماعي من الجانب الإعلامي في هذا المقال سأخوض بالانعكاسات الاجتماعية والجماهيرية والإسقاطات السلبية لهذه الشبكات، وسأقوم من خلال هذا المقال بطرح الظاهرة ومدى خطورتها.
لقد غزتنا الشبكة ومن عدة جوانب حياتية وبدا الأمر واضحا أكثر في الثلاث سنوات الأخيرة وبتنا نرى ومن خلالها مضامين لا بد انها تؤثر في الوعي المجتمعي وكنت أقول في الذاكرة الجماهيرية وبالتحديد تؤثر على الشباب والصبايا والأطفال.
لا شك ان الشبكة هي من وسائل الإعلام التي لا تستطيع ان تؤثر عليها في المفهوم الإعلامي المعروف في توجيه الرسالة ومن ثم الغربلة والتأثير بصورة ايجابية في المفهوم التقليدي والذي يحمل في طياته الشفافية وكشف الحقائق فالآن الأمر في الشبكة يتعدى ذلك فالتأثير لم يعد محدوداً ولا تستطيع فرملته كما نعهده في وسائل الاعلام التقليدية .
الأمر المقلق ان الشبكة أصبحت تحوي مضامين إجرامية وجنائية ويتعدى الأمر قضية حرية التعبير عن الرأي او إبراز الظواهر. وما يزعج اكثر أنها أصبحت وسيلة لتصفية الحسابات وهذا أمر خطير جدا لان القانون حتى الان لم يحدد بشكل جوهري قواعد اللعبة الشبكية وهذا الامر يدفع الآن المسؤولين في الشركات الكبرى للتفكير في قضية جوهر شبكات التواصل الاجتماعي حتى في الجانب القانوني. من هذا المدخل لا شك أن الجميع سمع هنا او هناك عن حالات ابتزاز تعرض لها نساء او رجال في الشبكة وذلك من خلال حسابات فيسبوك مزورة ادت بالتالي الى تحطيم عائلات شباب وشابات في المجتمع وهنا ندقق على نسيج مجتمعي يؤثر بشكل سلبي على التواصل الاجتماعي. لا شك أن التواصل الاجتماعي قد انعكس بطريقة التواصل بين الناس حتى أصبح التواصل الشبكي سطحياً وأدى بالتالي إلى تسطيح التواصل الوجاهي وهذه مشكلة بحد ذاتها .
مفهوم الشبكة يختلف تماما عن مفهوم المحركات في الانترنت والتي تعتبر قاعدة أساسية لإستيقاء المعلومات ولضخ المعرفة فمضمونها أصبح صوريا لأنه يسقط الكلمة امام الصورة او الفيديو.من هذا الباب كان هنالك حالات لتعرض فتيات لابتزاز والى اساءة من خلال الشبكة وكنت أقول لفتيات في جيل المراهقة ولذا تقع مسؤولية كبيرة على جميع الأطر للوقوف لحظة والبدء بالتفكير ما هي الحلول التي يجب أن تتبع من اجل الحفاظ على الأجيال المستقبلية.
النسيج المجتمعي هام في الإطار الزمني المستقبلي بمعنى لا يمكن باي شكل من الأشكال دعوة الشبكة وضيافتها والتأثر منها دون التفكير بإسقاطاتها. يتم ومن خلال الشبكة نشر فيديوهات على سبيل المثال لتنظيم داعش ويبدو ان الفيديوهات حقيقية يشاهدها الصغار قبل الكبار وهذا بطبيعته يؤثر على نفسيتهم وطرق تفكيرهم وبالتالي يؤدي وبشكل غير مباشر إلى تغذية ذاكرتهم بالوسائل العنيفة والتي كان من الممكن السيطرة عليها في وسائل الإعلام التقليدية لان عملية المراقبة اسهل.
اعتقد ان العديد من الأطفال يملكون حسابا في الشبكة وأحيانا دون علم الأهالي كحب استطلاع او كتأثير من المجموعة وهنا أتحدث عن تأثير مجموعات الكبار على الصغار وبالتالي هذا يؤدي الى إنتاج دوائر مجتمعية تؤثر الواحدة بالأخرى ولكن دون علاقة بينهما. نشهد ايضا عملية ضخ مضامين عنيفة ودون الخوض في عملية تفسير مما يلزم المسؤولين ايضا في الأجهزة التربوية والاجتماعية إيجاد صيغة التوازن المناسبة والتي من خلالها يتم تقليص الانعكاسات السلبية، هذا عدا عن عمليات نشر فيديوهات او صور فاضحة والتي بحد ذاتها تعتبر مخالفة جنائية من الدرجة الأولى. للقانون أسنان ويجب تفعيل عملية تنفيذ وتطبيق القانون لأنها الطريقة الأسهل والأنجع للحفاظ على مستقبل الشباب والصبايا. لا يعقل ان يتم الايقاع بفتيات عبر الشبكة والتاثير عليهن ومن ثم تحطيم اسر كاملة لان هذه العملية بالتالي ستتسع اذا لم يتم إيقافها حتى قانونيا ولكن بالتوازي مع المعادلة الاجتماعية. على المجتمع بكافة أطره أن يعي أن هنالك موضوعات يجب ان تطرح بطريقة شفافة وصريحة حتى بمفهوم الثقافة الجنسية للشباب والشابات في الجوانب التربوية ووضع الإصبع على الجرح. الطرح الاعلامي والمجتمعي الجريء هو خير وسيلة لحماية المجتمع وما عدا ذلك عمليات تمويه وتظليل لان فيها خطر على الأجيال المستقبلية وهذا ما يجب ان لا يستوعبه العقل ولا الفكر.
الشبكة أصبحت تملك فكا تتسع أنيابه من خلال الفيديوهات التي تنشر عبرها دون معرفة اصحابها واحيانا مع معرفة الجهة فحتى الحديث عن هذه الفيديوهات بطبيعتها تؤثر على صقل الراي العام وعلى الحوار المجتمعي بالمعنى الثقافي للمجتمع. بمعنى أن طرح الحوار او الحديث والذي يعتمد على المضامين العنيفة في المجتمع يولد مجتمعا يعتمد باساسه على هذا الحوار وهنا يكمن الخطر في ترسيخ مفهوم مجتمعي شكلي او صوري سلبي يؤدي بالتالي الى تغيير مفاهيم ثقافية في المجتمع وهي بالتالي تحدد قيماً وعادات وتقاليد والتي تعتبر حتى الآن قواعد أساسية للحفاظ على مجتمع صحي خالي من المضامين العنيفة. يقع دور على المسؤولين وفي جميع الأطر ان يصرخوا صرخة واحدة وان يعرضوا الحلول البديلة من اجل إيقاف هذا الجرف من المضامين او الرسائل السلبية والتي تؤثر بشكل كبير على الاطفال وتغذي لديهم حب الاستطلاع لوسائل عنيفة مما قد يؤدي الى تدمير مستقبلهم وحتى الى تحديد اولوياتهم في حياتهم. خير طريق للحفاظ على السلامة هو التسريع بتشريعات قوانين من جهة للحد من المضامين العنيفة وحتى غير الأخلاقية والتي لا تملك المؤسسات أي وسيلة لكبحها هذا من جهة، ومن جهة اخرى تبني وسائل لرفع الوعي وبشكل مكثف في الحقل التدريسي للتأثير على الشباب المراهق والذي أصبح الفيسبوك بطلاً له في هذا العالم ولكن للأسف بطلا افتراضياً خيالياً مع كل الأمور والجوانب الايجابية داخله. عملية المتابعة ضرورية جداً لان ما تحويه الشبكة الآن يجب ان يضيء شارة حمراء وهي بحد ذاتها خطر ولكن هذا الخطر مخفي أحيانا وأحيانا مكشوف ولكن اجزم انه واذا لم تتحرك الجهود سيكون الوقت متاخراً للسيطرة على الشبكة من جهة وللحفاظ على شبابنا وشاباتنا من جهة اخرى .
الكاتب بلال شلاعطة: إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة.
[email protected]
أضف تعليق