مرت الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني منذ "النكبة " الفلسطينية الى يومنا هذا في العديد من المراحل التي استسهلنا ان نسميها بالمفصلية بغض النظر عن دقة هذا التوصيف.
في مقالتي هذه لست بصدد استعراض تاريخي لهذه المراحل, انما هي محاولة مني للوقوف قليلا عند العبر التي استخلصناها منها ومدى تأثيرها على فعلنا السياسي الجمعي (ان وجد!) في مواجهة التحديات الجمة التي تستهدف وجودنا في بلادنا مستخدمة المواطنة القصرية التي فرضت علينا من قبل دولة الاحتلال كركيزة لمشاريع التصفية هذه ,حيث نتحول من شعب واقع تحت الاحتلال وبالتالي واجب الاحتلال تحمل مسؤولياته اتجاهنا من الى مواطنين شركاء في الدولة وبالتالي يتحول صراعنا الى صراع تحسين ظروف وتعطش للاندماج في دولة شرعية مسؤولة عنا كمواطنين وشرعية مسؤولياتها هذه تستمدها من خطابنا وممارستنا(مثل المشاركة في برلمان الاحتلال) لنكون قد ساهمنا بتشويه جذور القضية الفلسطينية وشركاء في التردي الذي تعيشه قضيتنا حيث نواجه من يريد تهجيرنا وان على مراحل وبمشاريع خبيثة لم تتوقف من 1948 بأعلاننا مرة تلو الاخرى الرغبة في التقرب منه ! وهذا تماما خطر مشاريع المواطنة فهي ابدا لن تستطيع مواجهة التحديات التي امامنا لانها غير مدركة لطبيعة الصراع مع الصهيونية وابعاده.
قد يسأل البعض : ما المشترك بين يوم الارض في 1976 وبرافر 2013 مرورا بانتفاضتين والعديد من الايام والوقفات النضالية التي خاضتها جماهيرنا في مواجهة استهداف الاحتلال المستمر لها ؟!
الاجوبة غالبا ما تكون ميالة للعاطفة مثل التأكيد على الهوية والجهوزية العالية للتضحية من اجل قضايانا ورغم صحة هذه المقولات الا انها وحدها غير كفيلة بجعلنا نفهم عمق وخطورة ما تمر فيه جماهيرنا من تحديات لأننا لم نقف خلال كل تلك السنوات ولو لمرة لمراجعة نتائج هذه المفاصل وما جققناه فيها فعليا وبالتالي غاب التقييم الواقعي والعقلاني عن الساحة السياسية ونتيجة لغيابه غابت عنا القدرة على الابداع والتجديد والتصعيد الموازي لما نتعرض له ,فبتنا نقوم بنفس الفعل ونستخدم نفس الاليات ونتوقع نتائج مختلفة !تأكيدا على المكتوب اعلاه تعالوا ننظر الى نتائج بعض هذه المفاصل بأثر رجعي : مصادرة الاراضي مستمرة وبرافر ينفذ فعليا والانتفاضة الاولى جاءتنا بأتفاق اوسلو المشؤوم والذي كرس مشاريع المواطنة وفصل الفلسطينيين داخل "الخط الأخضر " عن الذين خارجه والثانية جاءتنا بفتح-ستان وحماس-ستان عدا عن سياسات اخرى للقيادة الفلسطينية لن يفهمها الى المكشوف عنهم الحجاب !
يبقى السؤال اذا ,ما السبب وراء هذه النتائج رغم استعداد جماهيرنا الدائم في التضحية ؟!
الاجابة على هذا السؤال بأمكاننا استنباطها بسهولة من التاريخ ,وهي منوطة بفهمنا لأهمية دور السياسية الحاسم في نضالنا والذي يمكنه ان يكون رافعة ومكملا لنضالاتنا كما بأمكانه نسفها بالكامل كما حصل ان لم يجِد استثمار هذه النضالات!.
وفي حالتنا لا يمكن تجاهل اخفاقات السياسيين في استثمار نضالات شعبهم لسبب رئيس وهو عدم امتلاك برامج سياسية وطنية (اي بحجم الوطن) تشمل جميع الفلسطينيين وتتحدث باسمهم بل على العكس تماما فقد تم التنازل عن اهم ورقة يملكها الشعب الفلسطيني وهي البقاء في وطنه وانتشاره في كل انحاء فلسطين بل والعالم العربي ليتبنى تقسيمة الاحتلال له (شتات,داخل,ضفة,غزة) ويتعامل مع نفسه كفئات بدلا من شعب !
للخروج من هذه البئر القاتلة تقع المسؤولية علينا جميعا للضغط والمبادرة في طرح برامج شاملة للفلسطينيين تشركهم جميعا في عملية النضال ضد الصهيونية وتستفيد من هذه الطاقة بدلا من التقوقع في برامج فئوية ضيق نشد بها حبل مشنقتنا حول رقابنا.
[email protected]
أضف تعليق