هكذا بالنسبة لجرائم الحرب اليتيمة تلك لم يحاسب عليها أحد أو على الاقل لم يتحمل مسئوليتها أحد – فهي تلاحق ونلاحق كأرواح الاشباح، وهكذا بالنسبة للسياسيين الذين يتفاخرون " انا قتلت الكثير من العرب، وليس في ذلك اية مشكلة"، نفتالي بينيت.
وهكذا مثل تحضير الارواح، ظهرت اليوم المذبحة التي نفذها جيش الدفاع الاسرائيلي في قرية قانا. حوالي 20 سنة بعد المذبحة. اثنان من الصحفيين المعتبرين "يغال سرنا وربيب دروكر"، قدموا ادعاءات ضد اداء قائد الوحدة الشاب بينت. وهو الاداء الذي ادى بشكل غير مباشر الى المذبحة. وفوراً بدأ الهجوم المعتاد: كيف يجرؤون على طرح مثل هذه الامور؟
كيف يجرؤون "ابطال لوحة المفاتيح " نبش الماضي العسكري لضابط بطل، زعيم حزب مفتخر، بعد لحظات سياتي دور وزير الدفاع بالنسبة لهؤلاء. ان نسأل أحد السياسيين ما إذا تعاطى المخدرات فهذا مسموح، اما ان تسأله ان كان مسئول عن مذبحة فهذا محرم. واليوم نحن نطالب: "ابقوا جيش الدفاع الاسرائيلي خارج السياسة" هكذا كتب بالأمس في بيان الضباط المرافق لكل قضية عسكرية يحاول اي أحد المس بها، بيان دعم بينت، مع عدم التبعية للبيانات السياسية" كما لو انه يوجد امر كهذا.
كانت مذبحة في قرية قانا، 102 انسان قتلوا ومن بينهم الكثير من النساء والاطفال حيث سقطت عليهم 50 قذيفة من جيش الدفاع الاسرائيلي وهم في موقع تابع للأمم المتحدة. لا بد من وجود أحد متهم بذلك. يحتمل ان تكون المذبحة قد تمت بشكل غير مقصود. ولكن حتى من يفتلون في الشوارع بشكل غير مقصود يقدم قاتليهم للعدالة ويعاقبون بشدة.
اسرائيل ندمت ولكنها لم تعتذر. اسرائيل لم تعتذر ابدا. لا في ايام بينت ولا في ايام شمعون بيرس، اسرائيل شمعون بيرس لم نقدم أحد للقضاء على مذبحة قرية قانا – وبقيت الجريمة يتيمة. من السماء سقطت القذائف. والان تلتصق الشبهات ببينت، وبحق وبدون حق فان هذه الشبهات ستزيد من رصيده وستضيف له مقاعد في الكنيست.
إن لم تكن قرية قانا جريمة حرب، فما هي جرائم الحرب؟ لربمان جيش الدفاع الاسرائيلي لم ينفذ ابداً وهو لم ينفذ ولن ينفذ جرائم حرب، وببساطة لا يوجد امر كهذا جريمة حرب اسرائيلية؟ لا المستوطنات ولا الاحتلال ولا قتل الاطفال ولا قتل رافعي الرايات البيضاء، ولا إطلاق النار على المدارس، ولا على العيادات، ولا تفجير الابراج السكنية، لا هدم البيوت، والتعذيب ولا نقل السجناء من المناطق المحتلة الى السجون في اسرائيل – ان اي امر من هذه الامور لا يعتبر خرق للقانون الدولي، او جريمة حرب.
ان من يؤمنون بذلك في جميع الاوقات مدعون للاستمرار في هذه الاعمال. ولكن الاكثر واقعية والقلقون على وضع دولة اسرائيل يفهمون بان جرائم الحرب يجب ان يتم التحقيق بها. وتقديم المشتبه بهم للقضاء. وان جرائم الحرب تنفذ بشكل عام بيد الجنود او الضباط او الطيارين او المدفعيين المخلصين والابطال. في اسرائيل لا يتهم هؤلاء ابداً فالجندي الذي أطلق النار على طفل هارب او الضابط الذي امر بقصف ملجأ يتجولون بيننا.
ولكن هذه الامور تأخذ الان ابعاد أكثر اهمية، مع انضمام السلطة الفلسطينية الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، فان الشيء الوحيد الذي سينقذ اسرائيل من التحقيقات وتقديم جنودها وضباطها للعدالة هو قيامها بنفسها بالتحقيق مع هؤلاء المشبوهين بجرائم الحرب. وقد انطلقت الصرحة – حوالي 250 ضابط احتياط وقعوا على وثيقة يطالبون بعدم التحقيق في احداث عملية "الجرف الصامد" وايضاً بينت دعا الى اعفاء جفعاتي من التحقيق مع ضباطه وجنوده.
لا يمكن ترك الجيش وشأنه، لا سبيل لترك الجيش خارج السياسة كما يطالب الضباط داعمي بينت، كما لا يمكن ترك الجيش يحقق مع نفسه بالضبط كما هو الامر ان نترك يسرائيل بيتنا تحقق مع نفسها.
في قرية قانا، وفي " الرصاص المصبوب" وفي "الجرف الصامد" وفي المناطق المحتلة نفذت وتنفذ جرائم حرب فمن سياتي ليحاكم هذه الجرائم، حتى بينت لا يمكن انقاذه.
[email protected]
أضف تعليق