تحت هذا العنوان يكتب د. رباح حلبي، المختص في العلاقات بين اليهود والعرب وهوية الدروز في اسرائيل، ان تنفس المواطنين العرب والدروز للصعداء في اعقاب حل الحكومة، لأن ذلك عرقل المصادقة على قانون القومية، لم يكن في محله لسببين: الاول انه سيعاد طرح القانون على طاولة الكنيست في دورتها القادمة، بصيغته الحالية او بالصيغة المعدلة التي يطرحها نتنياهو، والثاني، وهو الأهم، ان قانون القومية ليس بالضرورة سيئا لنا نحن العرب في البلاد.
فالواقع الحالي في اسرائيل، بل منذ قيام الدولة، هو واقع دولة قومية يهودية في كل المفاهيم. ومنذ قيامها تعتبر دولة الشعب اليهودي التي تقصي العرب، كلهم، بمختلف طوائفهم ودياناتهم، وتتعامل معهم كمواطنين من الدرجة المتدنية وتميز ضدهم لأنهم عربا. ولن يغير القانون (في أي من صيغه) هذه الحقيقة. فهو لا يهدف الا الى مأسسة الواقع المتعامل به منذ قيام الدولة، لكن الفائدة الكامنة فيه هو انه سيسمي الامور باسمها وسيوضح الواقع القائم، للعرب، وخاصة لليهود.
لقد حاول قادة الدولة، حتى الآن، ايجاد مبررات للتمييز القائم في كل مجال، او نفيه. وكان من بين العرب في البلاد من تقبل هذه المبررات. وفي الطائفة الدرزية، مثلا، كان من خرج ضد القانون فقط لأنه يعرف الواقع ويسمي الامور بأسمائها ويضع مرآة امام العيون. لكنه بعد سن القانون لن تكون هناك حاجة الى التفسير والتبرير، لأن الأمور ستكون واضحة، وهذه مسألة مشجعة، فربما بعد هذا القانون يتحد العرب في المطالبة بحقوقهم بشكل اكثر جازما وتصميما. وسيكون هذا القانون مفيدا لنا على الصعيد الدولي. فلقد تم التعامل حتى الآن مع اسرائيل على انها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهذا القانون سيفجر هذا البالون ويعرض إسرائيل في عريها. لقد نجح قادة اسرائيل حتى اليوم بإقناع العالم بعدم وجود تناقض بين اليهودية والديموقراطية، لكن القانون سيحل هذه المسألة مرة واحدة والى الأبد، وسيوضح حقيقة الأمور. هذا القانون سيؤدي الى ضغط دولي ليس من اجل حل الصراع الخارجي، فقط، وانما من اجل منح المساواة لنا، نحن الفلسطينيين في اسرائيل. هذا القانون سيكون مفيدا لنا لأنه سيعرف التمييز ضدنا بشكل واضح، ويشرعه في القانون. وهذا سيسهل علينا عدم اضطرارنا مرة اخرى الى اثبات وجود التمييز ويمكننا من التركيز على النضال ضده. ولذلك فانه لا يوجد أي مبرر لنا للوقوف على رأس المعسكر المعارض للقانون.
وستخطئ الأحزاب العربية اذا حفرت المعارضة لهذا القانون في برامجها وعلى راياتها الانتخابية بدل التركيز على مشاكلنا الحقيقية. كما ان محاولة بعض الدروز الاندفاع الى داخل القانون المقترح يعتبر مثيرا للسخرية. على قادة الطائفة التوقف عن المتاجرة بالشعارات الركيكة والاعتراف بحقيقة اننا في افضل الحالات سنكون هنا ضيوفا "محترمين" وليس جزء من اصحاب البيت، البيت اليهودي. ان الأمر الذي يوضح ما هو الجيد بالنسبة لنا، كعرب في البلاد، هو موقف الجناح اليهودي الليبرالي. فهو أسوأ حتى من موقف اليمين القومي. تسيبي ليفني ويئير لبيد والرئيسين، السابق والحالي، يعارضون القانون، بسبب قلقهم على الدولة واليهود في المقام الأول. نحن لسنا على جدول اهتماماتهم. موقفهم هو أنه يجب التفكير في صورة الدولة، وفي الواقع أنهم يفضلون الإبقاء على الوضع الراهن: دولة ديمقراطية علانية، تبدو ظاهريا وكأنها لا تميز بين المدنيين حسب انتماءاتهم القومية، ولكنها في الواقع هي دولة يهودية تؤسس التمييز ضدنا. هذا هو الوضع الذي يحافظ على الصورة المشرقة والأخلاقية لليهود في أعينهم وفي عيون المجتمع الدولي، ويجعل من الصعب علينا النضال من أجل المساواة.
[email protected]
أضف تعليق