الأسرة الأبو سنانيّة موحّدة تندّد بمظاهر التطرّف والعنف
لا شكّ أن التّعصب، التطرف، والانفصال القوميّ والطّائفيّ مشكلة معقدة ومركبة لها أبعادها بكل المعايير والمقاييس؛ لما تُسبّبه وتخلّفه من خراب ودمار، وأحيانًا إراقة دماء، حقد، وكراهية.
كلّ من لا يؤمن بحرية الرأي والتعبير، ولغة الحوار، ويعمل على تطبيقها، كلٌ بقدر إمكانياته قولاً وفعلاً على أرض الواقع، ولا يحارب مظاهر العنف بكل أشكاله وإثارة القلاقل، والاصطياد بالمياه العكرة؛ يكون خارجًا عن كلّ المعاني والصّفات الإنسانية، ولا ينوي لمجتمعه الرُّقي والخير. إنّه أشبه بصغير يلعب بعود ثقاب من نار! يكسب إثمًا عظيمًا، ولا بدّ أن يُحاسب عليه يوم الدين.
والسُّؤال الذي يطرح نفسه، ويُثير استهجانًا عظيما: لماذا كل ما حدث؟ وهل خلاف بسيط بين شبيبة طائشة بسبب مشادّة كلامية، ونقاش يجر بلدة بأكملها نحو الهاوية؟ وقد عُرف أهلها بتواضعهم وطيبة قلوبهم، وكرم أخلاقهم. وعاشوا جنبًا إلى جنب عشرات السنين بألفة ومحبة، وسادت بينهم لغة التسامح، شاركوا بعضهم البعض في الأفراح والأتراح، ولا يكاد اسمها يذكر أو يظهر في وسائل الإعلام إلا بالخير. أمّا في هذه الأيام تتجه الأنظار نحوها، وتتصدر عناوين الصُّحف ومواقع التواصل بصورة لا تليق بها.
هنا، لا بدّ لي من أن أوجِّه، من على صفحات هذا المنبر، كلمة تقدير إلى أصحاب الضّمائر الحيّة والأحرار، إلى الشخصيّات المحليّة والقيادات الدينية، والسياسية من جميع الطوائف، الذين قاموا بتشكيل لجنة متابعة عُليا والتوصل إلى التهدئة، بحكمتها وطريقة معالجتها المشكلة، إذ ناشدت هذه اللّجنة جميع الأطراف المتنازعة بالتروّي وتحكيم العقل والتصرف بمسؤولية من أجل إعادة الأمن والأمان، والمحافظة على النسيج الاجتماعي.
نداء من الأعماق
بدايةً، أحذر من وسائل الأعلام ذات الصّيغة الصفراء، التي تعمل على استغلال هذه الحادثة الهادفة لزيادة الطين بلّة، وتضخيم وتعقيد الأمور، وتفكيك وحدة هذا البلد وأبنائه خاصّة، والعلاقات الوطيدة عامّة بين أبناء الشعب الواحد الذي تجمعه ثقافة، تاريخ، ولغة واحدة، وأن لا نتأثر بما يجري حولنا من أحداث مؤسفة ومؤلمة خلّفت وتخلف الدمار وإراقة الدماء، وندعو الجميع إلى إظهار النوايا الحسنة، والعمل بكل مصداقية معًا وسوية، وبشفافية، ومن دافع الشعور بحجم المسؤولية بعيدًا عن المآرب الذاتية لتعزيز الوحدة والتآلف، وبناء جُسور وأجواء مريحة، والاستمرار بالتحاور والنقاش الحضاري والتربوي، وإفساح المجال أمام كل طرف للتعبير عن رأيه، وطرح مشاكله حتى خروج الدخان الأبيض على أمل أن ما حدث يكون بمثابة سحابة صيف عابرة، ولترجع هذه البلدة والمياه إلى سابق عهدها، وما يحمل المستقبل من غدٍ أفضل للجميع.
[email protected]
أضف تعليق