لا أوافق على الدعوة بان يقاطع مثقفونا مكتبة الجامعة العبرية.
بالعكس تمامًا أدعو مثقفينا للذهاب بشموخ الفلسطيني الأصلاني صاحب الحقّ، وأن يصرخوا في وجههم: أين كتب خليل السكاكيني أيّها السارقون!
________
في أعقاب قيام المكتبة الوطنية في الجامعة العبرية بدعوة مثقفينا للقاء في المكتبة، قام مندوب عن الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافة لإسرائيل بإرسال رسائل شخصية عبر الإيمل للمثقفين المدعوّين، مطالبًا إياهم بمقاطعة المكتبة.
الادّعاء الأساسي لمطلبه هو أن هذه المكتبة سرقت كتبًا فلسطينية عام 1948 وساندت المؤسسة الإسرائيلية في عدّة جرائم.
_________
موقفي مخالف للجنة المقاطعة، بل أريد أن أشجّع مثقفينا وأساهم في دعمهم من أجل أن يذهبوا، لا أن يقاطعوا.
نحن، الفلسطينيين في إسرائيل، نقاطع ثلاث وزارات الأمن، الخارجية، واستيعاب الهجرة. "الأمن" لوحدها تشكّل نصف إسرائيل ونحن نقاطعها.. وهل قليل أن نُقاطع، نحن المواطنين، نصف إسرائيل؟!!! وجماهيرنا، خاصة الشباب، يحملون تبعات ذلك يوميًا، غير منتظرين جزاء ولا شكورا.
عندما سألني بعض المثقفين المدعوّين عن رأيي، قلت:
بصراحة واستقامة أخلاقية لا أستطيع كسياسي أن أدعو الجماهير للمشاركة في الكنيست الذي شرّع سرقة أراضينا ووطننا، وبالوقت ذاته أطلب من مثقفينا مقاطعة المكتبة الوطنية!
بصراحة واستقامة أخلاقية لا استطيع كمحام أرافع بالمحاكم الإسرائيلية التي شرعنت مصادرة هذه الأراضي وغيرها من الجرائم، وفي الوقت ذاته أطلب من مثقفينا مقاطعة المكتبة الوطنية!
بصراحة واستقامة أخلاقية لا أستطيع كأكاديمي أن أطلب من شبابنا التعلّم بالتخنيون الذي تجري به أبحاث عسكرية اسرائيلية، والتعلّم بجامعة تل أبيب المُقامة على نهب أراضي الشيخ مونّس، وفي الوقت ذاته أطلب من مثقفينا مقاطعة المكتبة الوطنية!
_________
أقول بثقة إبن البلاد الأصلاني وثقة صاحب الحقّ أن على السارق أن يهرب من مواجهتنا الثقافية، لا أن نهرب نحن! نحن الذين يجب أن نصرخ بوجههم: أين كتب خليل السكاكيني أيها السارقون..؟!
وأرجو ان لا تبيعونا ترّهات التأسرل! فلأنني فلسطيني أرفض أن أترك الفضاء والحيّز للرواية الإسرائيلية، لوحدها! لأنني فلسطيني أريد أن أواجه روايتهم، أن أملأ كل فضاء بروايتنا، بالحقيقة.. هذه هي الفلسطنة الفعّالة.
________
قديمًا كان الأنبياء يلتقون ويناقشون أعظم الكافرين، في الحديبية ولدى فرعوْن والعشارين والخطاة ولسان حالهم: لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى! أو كما كتب محمود درويش بأخلاقية فائقة: خيرٌ لضحيّة أن تعلّم جلادها، لا أن تتعلّم منه!
________
قبل أيام دُعيت لحضور الفرقة الأندلسية، فذهبت هاشًا باشًا، وقبل دخولي القاعة علمت من الإعلان المنصوب هناك أن الفرقة من المغرب، ليس من اليهود المغاربة مواطني دولة إسرائيل وإنما من المغرب! فعلى الفور تركت المكان لأنني أرفض أي تطبيع من الدول العربية مع إسرائيل قبل إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني.. لأن أحد أوراق الشعب الفلسطيني هي أن تحقيق الحقوق الفلسطينية هي الباب للتطبيع.. والتطبيع قبل حلّ القضية الفلسطينية هو خسارة قوّة للفلسطينيين، لذلك فالموقف المبدئي هو رفض هذا التطبيع الذي تقوم به بعض الدول العربية، الأغلبية الساحقة من الدول العربية سرًا علانية.
________
أردّت أن أشيد بدور حملات المقاطعة وبدوْر هذه اللجنة، وهم يقومون بدور مهم وله إنجازات هامّة لشعبنا. وإلى جانب ذلك أرجو أن يعلموا أننا سرنا منذ النكبة في طريق محفوف بالمخاطر من كلّ جانب، لكنّا سرنا بكرامة.. وقديمًا، وفي ظروف أقسى، كتبنا: لا يمكننا أن ننكر، حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، أصلنا العريق، نحن جزء حيّ وواع ووفعّال من الشعب الفلسطيني.
قُلنا: حيّ، وقلنا واعٍ، وقلنا فعّال.. هكذا سرنا بشموخ واجترحنا البقاء والتطوّر.. إنجاز لافت من المحيط للخليج!.. فدعونا نواصل... ودعونا نواجه، لأن الهريبة يجب أن تكون من نصيب.. الحرامية!

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]