يُعاني ويتذمر مجتمعنا من ظاهرة حبّ المظاهر الخدّاعة والآخذة بالتفاقم والانتشار في صفوفه، وبين مختلف طبقاته لتصل صغار السّن، ولم تقتصر على مجال لتدق أبواب مجالات، ومرافق، وميادين الحياة على اختلافها. وهذه، بلا شك، ظاهرة سلبيّة خطيرة، غدَت، وللأسف الشّديد، تتنافس على ممارستها شريحة لا يُستهان بها من جميع فئات المجتمع، حيث فسدت أخلاقهم وأذواقهم، وقلّ إدراكهم لتقييم النتائج والحقائق.

إنّ حبّ المظاهر الّذي يسيطر على غريزة الإنسان وطبعه، قد يسيطر على عقليته، ويزرع في نفسه الرّغبة الأكيدة في تقليد الآخرين رغم إمكانيّاتهم وقدراتهم المحدودة النابعة من الجهل والافتقار إلى الثقافة، القناعة وضعف الثّقة بالنفس، وعدم الإيمان بقدراته. قد يكون للمجتمع والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان دورٌ كبيرٌ في هذه الظاهرة، إذ إنّ الإنسان الواقعيّ والمُتّزن العاقل يجب أن لا ينجرَّ وراء هذه المظاهر كي لا ينضمّ إلى قافلة الّذين يعانون من هذه المشكلة، ويدفع الثّمن آجلا أم عاجلاً، وعلينا كمجتمع نبذها، بكلّ ما أوتينا من إمكانيّات، بل ومحاربتها بشتّى الوسائل واللّجوء إلى الاعتدال إيمانًا بصدق المقولة: "خير الأمور الوسط".

لا شكّ أنّ هناك حالات استثنائيّة وخاصّة، وقد تكون غير منبوذة، إذا كانت طبعًا هادفة إلى الإصلاح، وتحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع، لتعود بالخير والفائدة، وخدمة مصلحة المجتمع، وهنا لا بدّ أن نُحكّم الضّمير، ونتروّى قبل إصدار الحكم، فنساند، وندعم القيّمين على إنجاز مثل هذه الأعمال .

زاوية رماح، تقول بهذا الخصوص، نبتة القمح المملوءة نجدها منحنية، بينما الفارغة تكون منتصبة، وتؤكد أن ليست كلّ باكية ثكلى، ولا كلّ ما لاح في الأفق واقعا وحقيقة، وعليه فهي تنصح بمحاسبة الضمير، وعدم الانخداع والانجرار وراء المظاهر الخدّاعة والبرّاقة، واستبدال المملوء بالفارغ؛ لأنها قد تنعكس عليهم سلبًا، وتصبح محنة لا منحة، ونقمة لا نعمة، فلا تركضوا وراء زيف المظاهر فهي كتجارة القشور لأنّها ستخذلك وتخدعك، فليس المهمّ أن تكون ملكًا ولكن المهمّ أن تتصرّف وكأنّك ملك.

أُجملُ كلامي بقول الشّاعر:
"لعمرُكَ ما زيْنُ الرّجال لباسهم ولكن زينهم النّباهة والعقل". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]