تحت هذا العنوان يكتب تسفي برئيل في "هآرتس" عن مشروع قانون الغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية في إسرائيل، مستهلا حديثه بالاشارة الى كون النائب الدرزي حمد عمار احد الموقعين على هذا المشروع، ويقول ان عمار العضو في "يسرائيل بيتنا" حظي في السابق بالثناء من قبل مجلة "العمامة" التي تعنى بشؤون الدروز والتي وصفته بالقائد من نوع جديد، الذي يسعى الى رفع مكانة الطائفة وتدعيم شبابها من خلال الحفاظ على التقاليد. ولكنه من المثير معرفة ما الذي ستكتبه هذه المجلة عن عمار بعد توقيعه على مشروع القانون الغبي الذي بادر اليه زميله في الكتلة النائب شمعون اوحيون، ووقعه دافيد روتم واوريت ستروك وموشيه فايغلين.
ويقول الكاتب ان التفسير المرافق لمشروع القانون كان سيستصعب حتى جورج اورويل كتابة نص افضل منه، فقد جاء فيه" ان المصادقة على هذا القانون ستساهم في تلاحم المجتمع الإسرائيلي وبناء الهوية الجماعية المطلوبة لصياغة الثقة المتبادلة في المجتمع والحفاظ على قيم الديموقراطية". ويسأل برئيل: "هوية جماعية"؟ "ثقة متبادلة"؟ "تلاحم المجتمع"؟ لن يكون هناك تعريف انجح لمجتمع عنصري يرتجف من امكانية سيطرة لغة الأقلية عليه، وسلب هويته ومن ثم تحطيم ثقافته.
في مشروع قانون آخر قدمته ليمور لفنات في عام 2008، كتبت "لا يمكن وليس من المناسب ومن غير المعقول ان تكون مكانة هذه اللغة او تلك في اسرائيل مشابهة لمكانة اللغة العبرية، وفي هذه الأيام بالذات، التي تحاول فيها تنظيمات عربية إسرائيلية تحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية، من المهم تنظيم المكانة الخاصة للغة التوراة – اللغة العبرية، قانونيا".
ويضيف الكاتب: "حسب هذه التعريفات فان الاجماع اليهودي ليس قائما، لأنه "يجب بناء هويته". وفي المقابل يوجد في إسرائيل اجماع آخر، هويته موحدة وتلاحمه مثبتا، ويعتمد على السعي لتحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية. وهذه التنظيمات تحفر انفاقا هجومية تحت لغة التوراه، واذا لم يتم تدميرها في الوقت المناسب سنواجه خطر الهجوم الثقافي – القومي الذي سيدمرنا.
أمس الأول كانت المدارس ثنائية اللغة التي تهدد اولادنا، وامس كان الزواج المختلط لمورال ومحمود منصور، واليوم تم العثور على المتهم الحقيقي". ويقول ساخرا: "اذا قمنا بتدمير اللغة العربية، وشطبناها من برامج التعليم اليهودي، وتوقفنا عن طباعة الغرامات وفواتير الكهرباء باللغة العربية، ايضا، فسيختفي خطر القومية العربية، وسيتم انقاذ الهوية اليهودية. فالعبرية للقومية اليهودية، والعربية للأعداء. وهكذا سنعرف من هذا وذاك، ولن نخلط بعد اليوم بين العدو ومن يتنكر.
هكذا فكرت تركيا، ايضا، على مدار أجيال، عندما منعت تعليم اللغة الكردية ولاحقت كل من ألف الموسيقى او الكتب بلغة الأقلية الاثنية الكبيرة. لقد آمنت تركيا، ايضا، بان دوس لغة الأقلية سيخلق مجتمعا موحدا ومتناغما. لكن القومية المتطرفة لأتاتورك لم تخف القضية الكردية، بل على العكس، لقد تسببت بتمرد، بعضه عنيف، حتى قرر رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أنه آن الأوان لمصالحة هذه الأقلية.
ان الدولة التي لا تثق بهويتها هي التي تبني أسوار الدفاع الثقافي واللغوي. والشعب الجبان فقط يعتبر لغة الاقلية تهديدا. والحكومة العنصرية فقط هي التي تتمسك باللغة كذريعة لإقصاء خمس سكان الدولة. من المثير معرفة نوع الطفرة الفكرية التي اضطرت النائب حمد عمار الى التوقيع على قانون يلغي مكانة لغة أمه. وربما تكون هذه هي طريقته المستترة للحفاظ على القومية العربية، وربما يكون هو ايضا جزء من الطابور الخامس؟ كما لو انه يقول خذوا لغتكم العبرية واتركوا لنا العربية. من يعرف ما الذي يفكر فيه الدرزي.
[email protected]
أضف تعليق