اكثر من تسعة اعوام مضت على وفاة الشيخ امام واقل من عام على وفاة الشاعر احمد فؤاد نجم ولكن كلماتهم وأغانيهم لم تمت في ضمير الشعوب العربية وخاصة التي تتلمذت على الثورة والغضب منذ اواخر الستينيات وبعد هزيمة 1967 بشكل خاص، من خلال أغانيهم التي كانت توزع وتباع وتردد في لبنان وتونس وغيرها من البلاد العربية، أكثرمما كانت تعرف في مصر الا في أوساط مغلقة، بسبب التعتيم السياسي عليها رغم ان المغني والشاعر نبعوا من تربة مصر وترعرعوا في شوارعها وعانوا من فقر شعبها، وذلك لانهما كانا يمضيان فترات عديدة في سجونها حيث انتجا ابيات ” تجمعوا العشاق في سجن القلعة” و”أنا رحت القلعة وشفت ياسين” و”آه يا عبد الودود”، كلمات كانت في بعض الاحيان “اقوى من الرصاص”.
ومن الجدير بالذكر ان احد اهم قيادات الجهاد الاسلامي “محمد رمضان شلح” ذكر مؤخرا في مقابلة مع فضائية الميادين انه و” أبوالوليد” أى “خالد مشعل” قائد حركة المقاومة الاسلامية ، حماس، ينتميان الى نفس الجيل الذي شهد هزيمة عام 1967 عندما كانوا أطفال، أي نفس الفترة التي شاعت فيها أغاني الشيخ إمام (ولا أدري الى أي مدى كانت تروج أغانيهم في قلعة غزة المناضلة والمحاصرة), ولكن من الجدير بالأهمية ان هذا القائد لم يقع خلال هذه المقابلة في المطبات التي نصبت في الحديث من أجل التوقيع بين “حماس″ و”الجهاد الاسلامي” على أساس الانتمائات المختلفة الى المحاور اقليمية لان “فلسطين وقضيتها فوق الجميع. ومن المتوقع أن تثبت قضية فلسطين مرة أخرى انها ستكون العامل الحاسم في الغاء الاستقطابات والمحاور القليمية التي أحيكت لتفتيت المقاومة العربية في وجه الاحتلال الصهيوني .
كانت أغاني الشيخ إمام تروج قبل اتفاقيات “كامب ديفيد” وكل ما تلاها من اتفافيات لم تفيد الشعوب العربية بشيء بل ادت الى نشوء أنظمة سياسية متعاونة اقتصاديا وامنيا ومتصالحة مع “العدوالصهيوني” على حساب الشعوب العربية المسكينة التي كانت دائما تقدم التضحيات مقابل “حبة فول” اوكما قال محمود درويش بالنسبة للشعب الفلسطيني “وعليك ان تعطي جلدك مقابل حبة زيتون”.
واليوم بعد كل التضحيات الأخيرة التي قدمها ولا يزال يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة و”الذي كان وحده” في هذه الحرب الأخيرة والتي تضاف فوق كل المجازر والدمار الذي أصاب الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 فعلينا أن ننشط جميعا لكي لا يكون جزاء الشعب “حبة فول” أوحبة “زيتون” بينما سيستمر البعض الآخر في التجول “في وسط المدينة بأوتومبيل سفينة”.
فالعدالة لايمكن أن تتجزأ والذين ضحوا يجب أن يستعيدوا كرامتهم وحريتهم وان لا يقبلوا بالفتات بعد كل هذا الدمار والشتات.
ولن يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه الا عبر توحده وليس فقط عبر وحدة التنظيمات بل عبر وحدة ولحمة ابداعية في شتى المجالات ، اسمى من وأقوى من وحدة التنظيمات و’الكوتات’ السياسية، وسيعتمد ذلك على العمل الجماعي والغاء الفردية واستخدام ما يسمى ‘بالذكاء الجماعي’ عبر التخلص من كل الطفيليات التي تعيش على جروح الشعب وتدعي الوقوف معه و عبرالتخلص من المنافقين والذين” يقتلون القتيل ثم يمشوا في جنازته ” اوالذين يتفرجون على الدمار ثم يتهافتون للاستفادة من اعادة الاعمار . فان كان من الممكن اعادة اعمار الأبنية التي هدمت فماذا بالنسبة للأرواح التي فقدت والعائلات التي شردت للمرة العاشرة؟؟؟ فكثير من اهل غزة هم بالأصل لاجئين منذ عام 1948.
كيف سيمكن تحقيق العدالة واسترداد حقوق المظلومين من بين الشعب الفلسطيني؟؟؟
سيقول البعض عبر النسيان؟ مع أن النسيان مجزأ حسب المزاج في رأيهم حيث على الشعب أن لا ينسى ما فعله الصهاينة من دمار بهذا الشعب ومن تفتيت وقتل وتهجير وتشريد ولكن عليه أن ينسى كل الذين استفادوا من هذه الجرائم وابرموا الصفقات ويعيشون في قصور؟؟؟ يعني هل يجب أن يتوقف النسيان عند الحد الذي يسمح لبعض السماسرة بالاستمرار؟؟
ربما يجب النسيان مرحليا في مواجهة المجرمين الكبار ولكن فقط في حال اعترف هِؤلاء المتعاونين بفشلهم وبالتخلي عن امتيازتهم والتبرع بكل ثرواتهم للمشردين؟؟؟
ولكن سيقول البعض، وربما على حق، ان الشعب الفلسطيني ومقاتليه لا يزال بحاجة اليهم كوسطاء ليحملوا رسالته الى العالم عبر اصدقائهم لانهم يتمتعون بشرعية دولية لا يتمتع بها الذين حملوا السلاح ولايتمتع بها الشهداء واللاجئين والمهمشين؟؟ والسؤال سيبقى اين ستقف البوصلة واين ستكون نقطة التوازن حسب ما قاله الشاعر المتننبي محمود درويش:
وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ جاءوا ومن ذهبوا
وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ سَلَبُوا ومن سُلِبوا
وأنا التوازُنُ بينَ منْ صَمَدُوا وَمَنْ هربوا
وأنا التوازُنُ بين ما يَجِبُ :
يجبُ الذهابُ إلى اليسارْ
يجبُ التوغُّلُ في اليمينْ
يجبُ التمترسُ في الوسط ْ
يجبُ الدفاعُ عن الغلط ْ
يجبُ التشككُ بالمسارْ
يجبُ الخروجُ من اليقينْ
يجبُ الذي يجبُ
يجبُ انهيارُ الأنظمهْ
يجبُ انتظار المحكمهْ
وبانتظار “انهيار الانظمة “وانعقاد “المحكمة” يبقى الحل الوحيد هوانتفاضة فلسطينية شاملة مبدعة في كل أنحاء فلسطين والمهجر تشمل كل اللاجئين، و كل التلامذة في العالم العربي وخاصة في مصر التي انتجت عمالقة في فن الكلام لكي” يرجعوا للجد تاني” .
[email protected]
أضف تعليق