إن ما تتميز به أسرة العمل الوطني التطوعي الكبيرة في أم الفحم عمومًا ومع ذوي الاحتياجات الخاصة بالذات والتي بدأها أبناء بلدي منذ عقود، روحها الواحدة، وتعاونها المثمر، وجهدها المشترك، فلكل من ساهم في الارتقاء بالعمل التطوعي وبناء المؤسسات في أم الفحم على مدى تاريخ البلد العريق والطويل تحية عطرة وتقدير كبير واحترام وثقة يملؤها الأمل في تحقيق كل التطلعات والآمال.

تستحق تجربة بناء اللجنة الشعبية لذوي الاحتياجات الخاصة وتأسيس جمعية أبو الطيب في أم الفحم الانتباه والاسترشاد بها كنموذج لتنمية قاعدية خططت لها المجتمعات المحلية استبيانًا لاحتياجاتها ونفذتها وأدارتها بمجهوداتها الذاتية.

كان هَّدَّفْنا عند تأسيس الجمعية واللجنة الشعبية بمعية فحماويين من ذوي الاحتياجات الخاصة الخروج من خانة الاستكانة والسلبية الاجتماعية وتمكين الفرد الفحماوي من السيطرة على مصيره انطلاقا من قدرته على بناء منظمات شعبية مستقلة يمارس من خلالها عملا جماعياً يؤهله للقيام بدور أكبر في المجتمع مستقبلا، ويساهم أيضاً من خلال تطور هذه المنظمات في دفع التطور الديمقراطي للمجتمع.

كما هدفت الجمعية الى رفع قيم التعاضد الاجتماعي والتكافل عبر تحسين حال المجتمع ومساعدته على إشباع احتياجات المواطنين عموما وذوي الاحتياجات الخاصة بذات. إشباع تلك الإحتياجات التي يمكن تسييرها إلى أقصى درجه ممكنه وإيجاد الحلول لها في حدود الموارد المتاحة . يمكن القول بأن الهدف العام هو المساهمة في العمل على إحداث التغيير المقصود لصالح المجتمع وتحسين أنتاجه وتنظيماته الجماعية كشعب له مؤسسات ديمقراطية فاعلة.

يندرج مشروع بناء المنظمات الشعبية مثل جمعية "أبو الطيب" تحت رؤية شاملة تأتي من إدراك القائمين على مشروع البناء أن على هذه المنظمات أن تعمل ك "لوبيات" ومجموعات ضغط تهدف لانتزاع حقوقها من السلطة وتقوم بترشيد القيادة البلدية بأساليب ضغط سلمية وقانونية للإشارة إلى أولويات الإصلاح والعمل التنموي.

مَّيَزَ جمعية أبو الطيب منذ اليوم الأول وضوح الرؤيا عند المؤسسين مما ساعد على خلق التفاف جماهيري حول الجمعية فطمحت الجمعية بالأساس إلى دمج محدودي الحركة وذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع المحلي بشكل متساوٍ وفعال ليتمتعوا بالكرامة الإنسانية التي يناضلون من أجل تحقيقها وذالك عبر الدفاع عن الحقوق الطبيعية والاجتماعية والقانونية ومساواتهم مع كافة شرائح المجتمع في أم الفحم والمنطقة. كما تطمح إلى منع أي مظاهر تمييز أو تهميش بحقهم ورفع الوعي الاجتماعي بحقوق واحتياجات محدودي الحركة وذوي الاحتياجات الخاصة في أم الفحم ، والعمل على تغيير ظاهرة الآراء المسبقة والمجحفة بحقهم خصوصا في الأطر التربوية وسوق العمل المحلي.

ساعد في تجنيد ذوي الاحتياجات الخاصة حول الجمعية وإعطائها مّد شعبي جماهيري مطالب الجمعية العينية من البلدية والتي تميزت بكونها عاملاً مشتركاً الأكثر طلبا وشيوعا بين ذوي الاحتياجات لذا تجندوا حولها ورفعوا هذه المطالب، أذكر منها مثلاً :-
تخصيص فوري لمواقف خاصة لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات الجماهيرية مثل المدارس والعيادات والجوامع والبريد وجميع مؤسسات أم الفحم.
تعيين مستشار خاص لرئيس البلدية يهتم بشؤون أصحاب الإعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة في أم الفحم بشكل تكاملي بحيث يكون حلقة الوصل المباشرة بينهم وبين رئيس البلدية وأصحاب الوظائف الكبيرة في البلدية .
وضع خطة استراتيجيه بعيدة المدى بأشراف مكتب التخطيط الاستراتيجي في البلدية للعمل مع أصحاب الإعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة وتنفيذ برامج عينية واسعة على المستوي البلدي بالتنسيق مع جمعية أبو الطيب لذوي الاحتياجات الخاصة وبقية الأطر المحلية العاملة في المجال.
إقامة مركز متعدد الأغراض يعمل على تأهيل ودمج أصحاب الإعاقات وفئة أصحاب الاحتياجات الخاصة.

وضعنا حجر البداية وعبرنا مع شباب فحماويين تشرفت بمعرفتهم مراحل الولادة والتأسيس لهذه المنظمة الشعبية والعائلة التطوعية جمعية أبو الطيب، والتي تميزت بالعمل الشاق والمثابر مع المرونة في الإدارة من خلال جهد المؤسسين والمتطوعين من أجل إنجاح فكرة المشروع. أناشد بلدية أم الفحم والأحزاب السياسية والقيادات الجماهيرية مد يد العون للجمعية في مراحل الصعود والثبات إذ أن التنمية الوطنية الديمقراطية عن طريق العمل الشعبي بمختلف أوجهه ونشاطاته يقوم في الأساس على الشراكة المجتمعية القادرة على تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة، حيث إن التكامل في إنجاز الأعمال يمثل الأساس الصحيح لبناء المجتمع الحديث.

أخيرا أخوتي ذوي الاحتياجات الخاصة والنشطاء في جمعية أبو الطيب والتنظيمات الشعبية عموما تيقنوا إنكم حجر الأساس لبناء مجتمع ديمقراطي متعافي اجتماعيا ولنحافظ على مؤسساتنا ونقويها ونوسعها لتكون جمعياتنا الوطنية والشعبية نموذجا طلائعيا للعمل مع الناس وتنظيمهم حول قضايا حياتية ومدنية وقومية. أثبتم على رغم من صعوبة التحديات أنه عندما يبدأ الناس بتغيير واقعهم يتغير بالتالي وعيهم وليس العكس وعلى كل النشطاء والمتطوعين عموما التيقن أن السياسة والعمل الجماهيري والتغيير ليس فقط من المواقع الرسمية بل هو من المواقع الشعبية.

نقول ذلك ليس لمجرد اعتقادنا بأن التفاؤل بقدرات المجتمع المحلي هو الشرط الأساسي الذي لا غنى عنه لكل من يتقدم للعمل التنموي الشعبي الجدي لذلك كانت فكرتنا منذ ولادتها فكرة شعبية تعتبر القاعدة الجماهيرية أساسا وأصلا في بناء المجتمع وفي حمل القضية وتوجيهها وتنظيمها، فَمِّنِي لشعبنا التحية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]