إبان الحرب العراقية الإيرانية قدم الخميني أكثر من 730 ألف قتيل من أبناء بلده من أجل بضعة قرى حدودية مع العراق، ومن أشهر تلك التضحيات الحملة التي شنتها إيران لاحتلال البصرة عام 1982 حيث عمد الجيش الإيراني لإرسال الآلاف من الأطفال والعجزة لاقتحام حقول الألغام المحيطة بالمدينة مستعملا إياهم ككاسحات ألغام بشرية، هذا مجرد مثال على مدى استعداد نظام كالنظام الإيراني عن الدفاع عن أهدافه فكيف لو كان الأمر الدفاع عن وجوده في نقطة مركزية كسوريا؟!

وإذا كانت الضراوة في الداعم الإيراني هكذا فكيف هي إذا من الطرف السوري المؤيد لها والذي يقف تحت المقصلة مباشرة يستشرس بكل ما أوتي من قوة، والرهانات على تفكك الجيش السوري باءت بالفشل كما الرهانات على خلع الطائفة العلوية تأييدها لبشار الأسد على الرغم من الثمن الباهظ الذي تدفعه هذه الطائفة في سبيل الإبقاء على الأسد الذي يبدو واضحا أنها بأغلبيتها تعتبر بقاءه بقاءها.

الفكرة البسيطة التي نريد أن نقولها أن ما يعرف بمحور المقاومة والممانعة يستشرس أشد ما يمكن في سبيل استمرار سيطرته على سورية وبأي ثمن ممكن، فهو الذي لم يدع سلاحا ماديا أو معنويا وإلا ويستعمله في هذه المواجهةو ليس علينا تعداده الآن فالأخبار عن الميلشيات المرسلة والدعم المالي والعسكري من المحور الإيراني تملأ وسائل الإعلام. لكن بالمقابل أي ثمن مستعد أن يدفعه من يقولون أنهم يقفون إلى جانب الثورة السورية والثوار؟!!

جميع تلك الحجج التي نسمعها من هنا وهناك حول عدم تسليح الثورة السورية بما تحتاجه ليست ذات قيمة طالما أن هذه الحجج لم يكن لها وجود عندما قرروا دعم الثورة الليبية بكل ما يستطيعون ووقتها كان ظاهرا على سبيل المثال مشاركة القاعدة وغيرها من التنظيمات المعتبرة إرهابية في القتال إلى جانب الثوار الليبيين..

إن كل المظاهر الخاطئة التي نراها في الثورة السورية ما كنا لنراها بهذه القوة لو أن من يعتبرون أنفسهم "أصدقاء سورية" مدوا يد الدعم الحقيقية لأبنائها وما كنا لنجد هذا الشعب مضطرا لفتح أبوابه لمن هب ودب شريطة أن يدافع عنه في وجه الهمجية المنظمة التي يمارسها جيش الأسد.

المتأمل في التوازنات العسكرية في المواجهات الحاصلة على الأرض السورية يجد أن التفوق الجوي وسلاح المدرعات هما السر الرئيسي في قدرة الأسد على الصمود ومن ثم استعادته لزمام المبادرة وبدءه التقدم منذ أيلول سبتمبر الماضي أي بعد إقلاع الولايات المتحدة عن التهديد بضربة عسكرية له، كل ما يحتاجه الثوار هو إعادة الخوف إلى الطيارين الذين يرمون مدنهم بالبراميل المتفجرة عبر صواريخ أؤض جو خفيفة الوزن وتقييد حركة الدبابات بصواريخ مضادة لها، لكن بالمقابل نجد لا نزال نسمع بالمساعدات الأميركية غير الفتاكة والحديث الممل عن انتهاكات حقوق الإنسان، وأخيرا ما فاجأنا فيه رئيس أقوى دولة في العالم عندما قال أن قدرات بلده الذي يصرف نصف الميزانية العسكرية في العالم لا يمكنه الإطاحة بنظام صغير كنظام الأسد.

أليس بات من الأفضل أن يخرج من يدعي أنه يقف إلى جانب الشعب السوري ويعلن لهذا الشعب أنه لا يريد أن يقدم له رصاصة واحدة و يريحه من ألم هذا الحب -من طرف واحد- عل هذا الشعب يبحث عن بصيص أمل في مكان آخر؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]