يَوم تَكون الأحَزاب مِن سُباتها صَاحية، وبعيشتها هَذه راضية، وتكون الجماهير من قَراراتها مثل خائب الرجا. وعلى لجنة المُتابعة فلا تُثقل، فقد خفّتْ موازينها، وهي هاوية، ولم تزد يومًا لقضيتنا، فهي زائدة!
وأما الجماهير فلا تقهر، ومن الأحزاب فلا تنتظر، فما فادتْ يومًا بقدر ما استفادتْ، وما كانت يومًا صوتًا لمعظم الجماهير. وأما بنفسك فانهض، ورايتك وحّد، وارفع علم الوطن، وأما من كثرت راياته تزايدتْ نَزاعاته، وتاهتْ من يدينا القضيّة.
ويومُ الأرض، ومَا أَدرَاك مَا يَوم الأرض، يوم قُتل الشُهداء، وروّتْ دماؤهم التراب فأنبتتْ شقائق النُعمان، ودوّتْ صرخة أبي الأمين، وأعلنها كرامةً وإضرابًا.
فهل أتاكَ حديثُ يوم الأرض؟
أَتَاني وقد تَغيّرتْ عَلينا مَلامِحه، فباتتْ اليومَ شكليات وإسقاط واجبٍ ليس من الصُدفة أن يُحيي الفلسطيني ذكرى يوم الأرض، فهو بطبيعته ينتمي إلى جذوره وإلى تراب أرضه المسلوب منه.
أذكُر حين كُنا صغارًا، كان هُناك إضرابٌ، أغلقتْ الدُكانة الوحيدة بالحيّ، ولم نذهب إلى المدرسة، سمعتهم يقولون: اليوم إضرابٌ. وكل ما فهمته أننا لن نذهب هذا اليومُ إلى المدرسة، وفرحتُ بذلك، وفرحتُ أكثر لأننها ذهبنا لزيارة جدي وجدتي – رحمهما الله، فكانا يعيشان في ذلك الوادي الرحب، ويزرعان تربته الخصبة، وكنا نلهو بين ربيعه ونتقافز تحت ظلال شجر اللوز والزيتون العتيق.
كل مرة أتذكر فيها يوم الأرض، أتذكر معها هذا المشهد الي رسخ بقايا صورٍ منه في مُخيلتي حين فاجئنا جدي، وهو يحمل بكلتا يديه ُ أشتالَ الزيتون، وطلب منا مساعدته، أعطى لكل طفلٍ منا شتلة زيتون، وسألناه بعفوية الطفولة " سيدي ليه عم نزرع سجرات الزتون، قلنا عشان اليوم، هو يوم الأرض يا سيدي، ولازم دايمًا فيه نحرث الأرض ونزرعها بالزتون".
لا نعرف شيئًا عن يوم الأرض..
في عملنا الصحافي قررنا إجراء مقابلاتٍ صحافية، تاريخ يوم الأرض لم يكُن مُسجلاً في ذاكرة معظم المارين، كل ما يعرفه الجمهور أن ثمة مظاهرة تنظم في إحدى بلداتْ، مثلث يوم الأرض ( عرابة، دير حنا، سخنين)، وفي كل عام تنتهي المظاهرة بإشكالياتٍ. هُناك شهداء لكن لا ذكرى لهم، غير أنهم صور وأرقام نذكرها أو ربما ننساه في يوم الأرض.
لماذا لا نُحيي ذكرى يوم الأرض بزراعة البساتين وإعمار العراقيب، وتشيّد الرميّة، وغيرها من القرى غير المعترف بها، وإعمار وزراعة ما تم تهديمه، لماذا نزرع الشعارات فنحصد شعبًا تائهًا في متاهات الأحزاب! وكلما التصقنا بحزبٍ كلما ابتعدنا عن القضية. " ليس كل شخص مُحزب وطنيًا، وليس كل وطني محزبًا".
القياداتُ مدرسة، اذا أعددتهم...
لماذا لا تُصدر المتابعة كراسات لتلاميذ المدارس، تشرح لهم عن ذاكراتهم الوطنية من الثورة الفلسطينية، إلى النكبة، وحتى يوم الأرض، وكل ما جرى في مخيمات الشتات إلى يومنا هذا! هناك ثمة تقصير في الانتماء إلى قضايانا الوطنية، فاللوم الأول يقع على المسؤولين، من نصبوا أنفسهم قيادات! إذا ثمة من وجد بالخدمة المدنية أو العسكرية ملاذًا فهي أيضًا ذنب القياداتْ.
كلا، لم أجعل من القيادات شماعةً أعلق عليها خيباتنا الوطنية، وكسلنا في معرفة قضيتنا وقضايانا، إنما هم اتخذوا من أنفسهم هالة يسعون من خلالها للتأثير علينا، بالسلب أو الإيجاب، وتبقى حُرية الاختيار للجماهير.
#يوم_الأرض
[email protected]
أضف تعليق