كُشف أمس أنّ سيلفان شالوم، وزير تطوير النقب والجليل، هو الوزير الإسرائيلي الكبير المشتبه به بأنّه تحرّش جنسيًّا بموظفة عملت في مكتبه قبل 15 عامًا، حين كان يشغل منصب وزير العلوم. بشكل مفاجئ، تطرّقت معظم وسائل الإعلام بشكوك كبيرة جدّا إزاء التهم الجديدة. سارعت الصحيفة المقروءة في إسرائيل، "إسرائيل اليوم"، الصراخ من خلال عنوان بأنّ الحديث عن محاولة اغتيال سياسي قبيل ترشّح شالوم لمنصب رئيس الدولة.
عادة يحتفل الإعلام الإسرائيلي بمثل هذه الحالات، ويسارع بإنزال المقصلة على رأس المرشّح. حين كان الحديث عن المطرب إيال جولان أو الرئيس موشيه كتساف، سارعت وسائل الإعلام بالتحديد بأنّه من الواضح أنّ المشتكيات صادقات في اتهاماتهنّ. في حالة كتساف أقرّت المحكمة تلك الدعاوى. في حالة جولان، يبدو أنّه لم تكن هناك لائحة اتّهام مطلقًا.
قبل نحو عام احتفلت العناوين باتهام شخصيّتين كبيرتين في الإعلام؛ عمانوئيل روزين وشارون جال، بأنّهما تحرّشا جنسيّا بعاملات في إطار العمل. أغلقت القضيّتين دون شيء، ولكن مهنة كلا الإعلاميّين المتّهمين كانت قد تضررت بشكل كبير، ولا مجال لإصلاحها. تعمل محكمة الإعلام الإسرائيلي بسرعة وبوحشية.
ولكن ما هو غريب، أنّه في هذه المرة بالذات يقف الإعلام، بشكل كامل تقريبًا، إلى جانب المتّهم، ويسعى إلى التعامل مع المشتكية بشكوك كبيرة. اعتاد القرّاء الإسرائيليّون على النزاع المتكرر بين الصحيفتين الأكثر قراءة في إسرائيل: "يديعوت أحرونوت" المخضرمة، و"إسرائيل اليوم" الجديدة نسبيًّا، والمعروفة بشكل أساسيّ باعتبارها الصحيفة المقرّبة من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. هذه المرّة تكشف كلا الصحيفتين عن إجماع مفاجئ؛ في "إسرائيل اليوم"، كما ذكرنا، يدّعون أنّ هناك محاولة لاغتيال شالوم سياسيًّا، وفي "يديعوت" أيضًا ظهر في الصفحة الرئيسية مقال رأي يتساءل لماذا انتظرت المشتكية 15 عامًا لتقديم الشكوى.
الأمر الذي يعقّد المسائل أكثر هو الحقيقة بأنّ زوجة شالوم، جودي نير موزس شالوم، هي شقيقة مؤسّس "يديعوت أحرونوت"، أرنون (نوني موزس). تملك العائلة الصحيفة منذ تأسيسها.
وبالمقابل، هناك صحف أخرى لا تُحجم عن تقديم شالوم باعتباره مجرم جنس كما يزعمون. نشرت الإعلامية في إذاعة الجيش، هداس شطايف، التي كشفت في الماضي عن مزاعم أخرى تتعلّق بالتحرّش الجنسي، مقابلة مع صاحبة الشكوى وصفت فيها الأمور التي فعلها شالوم معها، كما تزعم. في مقابلة أخرى قالت محامية إسرائيلية إنّها تحدّثت مع صاحبة الشكوى حول الموضوع منذ 15 عامًا.
وقدّم شالوم اليوم روايته لشرطة إسرائيل خلال ساعتين من التحقيق. ليس لمعروفًا حتّى الآن كيف ستنتهي القضية، وخصوصًا كيف ستؤثّر على رغبة شالوم في أن يصبح رئيسًا. إذا نجح في البقاء خلال هذه الأيام غير المريحة التي تمرّ به، يمكنه إذن أن يشكر حظّه الجيّد، وذلك لأنّ الإعلام الإسرائيلي في حالته بالذات خرج عن عادته المؤسفة في إدانة كل مشتبه بأفعال غير لائقة جنسيًّا بشكل تلقائي.
من الجيّد أن لا أحد محصّن أمام القانون في إسرائيل. قام موشيه كتساف بالمرور بكلّ الطريق من بيت الرئيس إلى السجن، وبحقّ. عندما تحدثُ مثل هذه الاشتباهات، فإنّه من المستحسن أن تُترك للمحكمة مهمّة إصدار الحكم على إنسان ما، وعدم الاكتفاء بالمحكمة الإعلامية.
[email protected]
أضف تعليق