غزة ... هذه البقعة الجغرافية التي لا تكاد تظهر على خارطة العالم، فعلى مدار التاريخ كانت غزة محط أنظار الطامعين والمحتلين، فلم تكد قوة استعمارية تقوى ويمتد نفوذها إلا ويكون لغزة نصيب من المعارك التي تدور على أرضها، فلقد كانت على طول الزمان مقبرة للطغاة والمحتلين وهذا ما يشهد به التاريخ، ولعل آخر الطغاة الذين احتلوا غزة هم الصهاينة، وكان ذلك عام 1967م بمساعدة إنجليزية وضعف وتواطؤ عربي، فلا تعتبر صدفة أن تكون غزة هي آخر بقعة من أرض فلسطين التاريخية التي يحتلها الصهاينة، فهم يدركوا بسالة أهلها، وقدرتهم على الصمود والتحدي، وما أدل على ذلك اندحار المحتل الصهيوني عن أرض غزة، لتعتبر بعدها أول مساحة جغرافية تحرر من فلسطين في عام 2005م .
لقد مرت غزة في العقود الخمسة الماضية بأحداث وتغيرات أهلتها لقيادة الصراع بين الحق والباطل بمفهومه الكبير، وبين الفلسطينيين أصحاب الحق والصهاينة المعتدين المحتلين، بدءاً بعدوان 1956 مروراً باحتلال غزة عام 1967، ومن ثمَ الانتفاضة الأولى التي كانت محطة هامة في الصراع الفلسطيني الصهيوني، وبالرغم من نتائجها التي كانت تصب في صالح القضية الفلسطينية، إلا أن اتفاقية أوسلو أجهضت جني ثمار هذه المحطة، وصولاً إلى الإنتفاضة الثانية التي كانت أهم نتائجها جلاء المحتل الصهيوني عن قطاع غزة دون شرط يقيد المقاومة الفلسطينية.

بعدها كانت الانتخابات الفلسطينية التي فازت فيها حركة حماس، وهذه أيضاً كانت محطة هامة من محطات الصراع ومحرك للثورات العربية التي بدأت عام 2011 وتوالت بعد تولي حماس الحكم المكائد والتهديدات، ليس على حماس التي اختارها الشعب، بل على الشعب الذي اختار حماس، بدأت هذه التهديدات بالحصار الفلسطيني الذي كانت أطراف عدة تشارك فيه، منها السلطة برام الله ومعظم الأنظمة العربية وأوروبا وأمريكا ورأس الأفعى إسرائيل، وفي قلب الحصار كان العدوان على غزة عام 2008-2009، لتخرج غزة منه أكثر إصراراً على تحرير أرضها ودحرها محتلها، وما كادت غزة تلملم جراحها حتى كان عدوان 2012م، ليُضرَب فيه قلب الكيان الصهيوني وهي المرة الأولى التي تكون فيها المواجهة على أرض فلسطين التاريخية بأيدي فلسطينية، فسارعت إسرائيل لطلب تهدئة من المقاومة الفلسطينية التي أصبحت تؤمن بأنها أقرب من أي وقت للعودة وتحرير فلسطين.

لقد استبشرت غزة بثورات الشعوب العربية وكانت تعيش أحداثها وتطوراتها لأنها تدرك بأنها المستفيد الأكبر من صحوة الشعوب، وامتلاك الحكم لقيادات واعية وراشدة، وهذا لم يرُق لإسرائيل وأمريكا ومن والاهم فكان انقلاب مصر ليشتدَّ الحصار مرة أخرى، بل تهدد غزة بالضرب وهذه المرة من جيش مصر الذي سالت دماؤه على أرض فلسطين ليحررها، لكل أولئك وهؤلاء نقول: اقرأوا التاريخ فغزة على موعد مع التحرير، لن يحرف بوصلتها خائن أو متنازل أو مساوم أو عدو.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]