لا شك أن الفلسطينيين في الداخل أصحاب الارض الاصليين ما زالوا يتجرعون معاناة النكبة حتى اليوم، فبعد مصادرة نسبة كبيرة من أراضيهم عام 48، ما زالت المصادرة مستمرة كما يحدث في النقب والجليل وغيرها، ها هم اليوم يتجرعون معاناة السكن ومسطحات البناء فتهدم البيوت بحجة البناء غير المرخص ولا توسّع مسطحات البلدات العربية، لكن في المقابل تُوَسّع المستوطنات ولم نسمع عن هدم بيت ليهودي، هل لأنهم حريصون على القانون ام لأنه يتوفر لهم ما لا يتوفر للفلسطيني في الداخل.
سأعرج من خلال هذه المقالة على دور المؤسسة الاسرائيلية من جهة والفلسطينيين في الداخل كمجموعة وكحركات وأحزاب بالإضافة لدور السلطات المحلية من جهة ثانية في مشكلة الأرض والمسكن للفلسطينيين في الداخل.
المؤسسة الاسرائيلية: سياسة المؤسسة الاسرائيلية اتجاه الفلسطينيين في الداخل، سياسة تتّسم بالعنصرية، مفضلة اليهودي على كل ما هو عربي، ودور صانعي القرار هو التضييق على كل ما هو عربي وما يمكن أن يساهم في توسع أرض وازدياد عدد فلسطيني الداخل لكون طبيعة المشروع الصهيوني وما حدث عام 48 يؤكد أنه كان هناك نوع من التطهير العرقي لفلسطيني الداخل وبالتالي الخطر الديموغرافي وخطر التمدد الجغرافي ما زال جاثماً في العقلية الصهيونية.
لقد كان مشروع الحركة الصهيونية منذ بداياته، وهذا ما يجب أن لا يغيب عن بالنا، يقوم بتوطين اليهود في الجليل والنقب لكسر التفوق الديموغرافي الطبيعي للعرب هناك ومنع توسّع العرب جغرافياً وأن لا تكون منطقة عربية كاملة متواصلة جغرافياً. وبالعودة لمشكلة الأرض والمسكن فالمتابع للموضوع يرى أن هدف المؤسسة الاسرائيلية هو التضييق على حياة الفلسطينيين في الداخل واستنزاف طاقاتهم ومواردهم ومحاولة الضغط على حياتهم ومعيشتهم قدر المستطاع ولكن بين فينة وأخرى يعطون جرعات تخفيف هنا وهناك وامتصاص لغضب الناس لحد معين- من خلال زيادات محدودة في مسطحات البناء- بما لا يتوافق مع حجم الضغط الموجود وبالتالي يستمر الاحتقان والتعب بين الناس مما يجبر الناس على العمل طوال الوقت من أجل لقمة العيش ومن اجل استصدار رخصة للبيت والتي لا تصدر! اذاً هي سياسة استنزاف للناس ونوع من الضغط عليهم وتكدير عيشهم والحفاظ على أكبر قدر من الارض لليهود والحد من النمو الديموجرافي للعرب.
الفلسطينيون في الداخل: السؤال الأهم كيف يتعامل فلسطينيو الداخل مع سياسة المؤسسة الاسرائيلية هذه، ويبدو أن النضال التقليدي والفرداني وجعل المشكلة شخصية لفرد أو عائلة معينة لن تجدي نفعاً فالذئب يأكل من الغنم القاصية، وبالتالي يجب أن تكون هناك خطة جماعية على مستوى كل الداخل لمواجهة التضييق في المسكن ومصادرة الأراضي.
تصاعد النضال في الدول مختلف ممكن أن يصل لما يسمى عصيان مدني، فمثلاً لا يتم دفع الضرائب او الكف عن استصدار رخص من مؤسسات الدولة كل ذلك من أجل الضغط على الدولة للكف عن سياساتها المجحفة اتجاه مواطنيها أو بعضهم، طبعا ً هذا لا يتم بشكل فوري بل يكون بعد العمل بدالة تصاعدية من النضال من الاعتصامات والمظاهرات والاضرابات وغيره.
لا أقول أننا وصلنا لحالة العصيان المدني، ولكن كلي قناعة أن وضع الفلسطينيين في الداخل في قضية الأرض والمسكن سيء جداً ومخيف ويجب لجم المتسبب لهذه الأزمة، وهنا يأتي دور الاحزاب والمتابعة والسلطات المحلية وخصوصاً أن الاخيرة هي التي تعاني بشكل مباشر من سياسات المؤسسة الاسرائيلية هذه، مما يؤدي لفشلها وسخط الجماهير عليها وجعلها كأداة سلطوية لضبط الناس وهي لا تملك من أمرها شيئاً. وأرى أن هذه الاجسام ما زالت مقصرة في وضع استراتيجية واضحة لهذا الموضوع ويتوجب عمل مؤتمر عام لكل هذه الاجسام ووضع هذه المأساة على الأجندة، وإلّا سنقول كلنا أُكلت يوم أكل ثور الأبيض، فمشكلة هذه العائلة او تلك في كفركنا او قلنسوة ستكون هي مشكلتي الشخصية بعد سنوات وما لم نتعاضد سوية فيما يمس حياتنا اليومية ومستقبلنا فعلى ماذا سنتكاتف!
[email protected]
أضف تعليق