عشرون عاما مرت على مدينة خليل الرحمن الفلسطينية، والجراحات والعذابات لم تندمل بعد .. ومدينة الخليل تحيا المآسي والآلام يوما بعد يوم .. وستبقى ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي خالدة في سجل الذاكرة الفلسطينية وفي قلوب الفلسطينيين، هذه المجزرة التي ارتكبها السفاح الصهيوني المجرم "باروخ غولدشتيان" بحق المصلين السجود في 25/2/1994م وسقط خلالها (50) شهيداً فجر يوم الجمعة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 300 جريح.
إن هذه المجزرة وغيرها من المجازر الصهيونية يجب أن تكون حاضرة دوما أمام المفاوض الفلسطيين وأمام من يسعى للسلام مع الصهاينة، فقد ارتكبت هذه المجزرة قبل عشرين عاما وكانت مراسم التحضير تتم لوئد الوطن من خلال اتفاقيات أوسلو العلنية والسرية.. لم تندمل بعد جراحات الفلسطيين من هذه المجزرة الأليمة.. أمام ذكرى هذه المجزرة لابد من وقفات ولا بد من مواقف ثابتة من قبل فريق أوسلو ومن قبل من يقر للصهاينة بحق في أرض فلسطين ويتنازل عن حقه الشخصي في العودة إلى أرضه وبلدته التي هجر منها أجداده عام 1948م .
لقد استغل الاحتلال الصهيوني هذه المجزرة البشعة وقام بتنفيذ سلسلة مشاريع تهويدية بحق مدينة خليل الرحمن الصامدة، فبعد المجزرة قامت لجنة صهيونية بتحويل الحرم الإبراهيمي الشريف لثكنة عسكرية وتم تقسيم الحرم الشريف إلى قسمين أحدهم للمسلمين والآخر للصهاينة اليهود، كما تم تحديد أيام للمسلمين وأيام للصهاينة فيما يتم إغلاق الحرم أيام خلال إقامة الصهاينة شعائرهم التلمودية، كما تم وضع بوابات حديدية الحديدية والكترونية وكاميرات التصوير في داخل الحرم وخارجه، لمتابعة تحركات الفلسطيني داخل الحرم وحوله، كما أن الجنود الصهيونية ينتهكون حرية الحركة والمرور داخل الحرم الشريف من خلال إجراءات التفتيش الصهيونية الصارمة والقيام بتفتيش المصلين قبل الصلاة وفرض إجراءات عقابية صارمة بحقهم .
وتعد مدينة الخليل الفلسطينية من أقدم مدن العالم وهي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية والقداسة بعد مدينة القدس، فمنذ حوالي سنة 3500 قبل الميلاد هاجرت قبائل عربية كنعانية من الجزيرة العربية إلى فلسطين، وبنت عدداً من القرى في منطقة الخليل، وللمدينة تاريخ عريق وشامخ؛ فقد كانت تمثل مركز ازدهار اقتصادي ومركز ديني هام .
إن مدينة الخليل على رأس مخططات التهويد الصهيونية؛ فقد كان أول قرار للحكومة الصهيونية –بعد قرار ضم القدس واقعيا في 28 /6/ 1967م– هو العمل على تأسيس نواة استيطانية في موقع استراتيجي مهم على مشارف مدينة الخليل على الطريق الموصلة إلى القدس ويسمونه الصهاينة "كفار عصيون"، وكان ذلك في 27 /9/ 1967م، وقد وقع الاختيار الصهيوني على مدينة الخليل لأنها في نظر اليهود توازي في أهميتها مدينة القدس بحجة أنها كانت فيما مضى أول عاصمة لمملكة داود، وأن فيها قبورَ عدد من الأنبياء وأزواجهم.
وقد قامت خطة الاستيطان الصهيونية في مدينة الخليل على تركيز البؤر الاستيطانية حول المدينة والعمل على محاصرتها استيطانيا وذلك من أجل الاستيلاء على قلب مدينة الخليل و إقامة حي يهودي فيه بحجة إعادة بناء الحي الذي كان قائما في المدينة وجرى تدميره في عام 1929م.
تواصل اليوم السلطات الصهيونية مساعي تهويد المدينة القديمة في الخليل وتغيير طابعها العربي والإسلامي وطمس معالمها التاريخية والدينية، خاصة أن مدينة الخليل حافلة بالمواقع الأثرية التراثية وتمثل مركز ثقل سكاني واقتصادي واجتماعي، حيث تعمل سلطات الاحتلال الصهيوني بصورة دورة على تنظم زيارات دائمة لليهود والمستوطنين إلى الحرم الإبراهيمي الشريف ، كما قام العدو بإدراج الحرم الإبراهيمي الشريف على قائمة التراث اليهودي، وتم بتغيير أسماء عدد من الشوارع فيم تقوم سلطات الاحتلال بإغلاق شارع الشهداء الرئيسي فضلا عن إغلاق المئات من المحلات التجارية في الخليل ..
إن مدينة خليل الرحمن اليوم تعيش ذكرى المجزرة أليمة ونكبات التهويد والاستيطان تتوالى على هذه المدينة دون أن يتحرك أحد لإنقاذها من براثن التهويد وجرائم سرقة الأرض ومصادرتها لصالح المشاريع اليهودية ..
إلى الملتقى ،،
[email protected]
أضف تعليق