عنوان المقال يفضح نفسه ، فكل أهل الأرض إعلاميون ، وكلهم صحفيون ، وكلهم مصورون ، وكلهم محررون ، وأصبح كل إنسان يمتلك وكالة أنباء خاصة به ، فتراه أما عضواً أو مديراً لمجموعة إعلامية مع من حوله ، فهو يصور ويحرر ويقطع وينسخ ويلصق ثم ينشر، وكل هذا بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني ، وأنا متيقن إن أبني وأبنك يصله سبق صحفي قبل أشهر قناة عربية ، وقبل رئيس تحرير أشهر صحيفة مرموقة .
إذاً أصبح الجميع متساوون إعلامياً ، فالعامة ورؤساء تحرير الصحف في طبق واحد ، ومعظم الناس إن لم نقل كلهم أصبحوا خبراء في مجال النشر والإعلام الحديث ، وهذا ينطبق على الجميع بدون تمييز لفئة أو جنس أو عُمر أو درجة علمية ، فترى أبن الفقير يوثق حادث قام به أبن الغني ، وترى المرأة تصور رجلاً ، وترى المقيم يشهر بمواطن ، وترى الصغير يبتز الكبير ، وأصبح كبير السن يجيد التعامل مع برامج الجوال ، ويسألك أرسل لي موقعك ، ويركب صورة على أخرى ، وبين فترة وأخرى تراه يتجول في أسواق الجوالات يبحث عن آخر إصدار ، لذا اقتنعنا إن كل من لديه جهاز اتصال حديث أصبح سباحاً ماهراً في بحر العولمة .
عزيزي القارئ ، وخاصة أخواتي من النساء ، وأشير بأناملي إلي المراهقات بالذات ! ، فإن المقدمة التي عرضتها أمامك فقط كي أضرب بها أوتاداً بخيمة عقلك وفكرك إنك تعيش بوسط أصحاب عقول ربما ذكية فقط إلكترونياً ، وغبية في أشياء أخرى ، فلا تستهين أو تغفل أو تتناسى أو تأخذك اللامبالاة وحسن النية ، وكن فطناً في هذا الزمان الخطر ! فأي خطأ منك ستدفع ثمنه غالياً ، أو سترمى بقائمة " المفضوحين " .
لنضرب مثلاً واحداً فقط عن الفضائح كي يتعظ العاقلون ، ويصحى النائمون ، والتي لا ترقع بخرق أو تستر بكلام ، وهي نقطة في بحر لجي لما يجري بمجتمعنا والعياذ بالله ، فقد تفاجأ الأب المهمل البخيل ، والمشغول بجمع الأموال ، وهجره لأبنائه وانشغاله بملذات الحياة لنفسه فقط ، إن أحدى بناته وقعت تحت التهديد والابتزاز من قبل مراهق لا يتعدى عمره عشرون عاماً ، لأنه مثل عليها أنه غني جداً ويهوى تصوير الأجساد دون تحديد الأشهاد ( أي الوجوه ) فدخل عليها أولاً عن طريق الدردشة بالفيس بوك ، ثم عرض عليها عرضه ، وأخبرها إنه سيعطيها ما لم تحلم به مقابل تصوير أجزاء من جسدها إن وافقت ، ولا حاجة لأن تظهر وجهها أو الجزء العلوي منها ، فأغواها الشيطان وأعتراها ، فسقطت تلك الفتاة الساذجة بشباكه ، وأعطته رقم جوالها بعد إلحاح لايعتريه ملل ، ثم سجلها عن بعـد عن طريق كاميرا الكمبيوتر الموجودة أمامها ، ولا أعرف إن كان ببرنامج السكايبي بالجوال أو بجهاز الكمبيوتر ، المهم إنه تم تسجيل التصوير المباشر في حالة غباء وجهل من الفتاة ، وبغفلة وسبات من الأم والأب ، اللذان أهملا أبنائهم بغرفهم حتى الفجر دون زيارتهم أو معرفة شؤونهم وأحوالهم .
وفي يوم ما تفاجأت الفتاة إن صاحبها الشيطان قلب عليها الطاولة ، وطلب منها مبلغ خيالي من المال ، وأن عليها أن تخبر والدها أن يسدد ، وقال لها : لقد عرفت أسمك من برنامج أظهار الأسماء ، وعرفت عنوانك الذي أخبرتني عنه كي أضع أمام عتبته كيس المال ، وها أنا أعرض عليك بضاعتي ، فإن لم تضعي أنت النقود ، أنا من سينشر الفيديو باليوتيوب والواتساب ، وأكتب عليه أسمك كاملاً ومن أي منطقة أنت ، والدليل العلامات التي ظهرت بجسدك من كذا وكذا ، وستصبحي مادة رخيصة يتداولها الناس وحديث في المجالس .
فضائح كثيرة يندى لها الجبين تصلكم بالجوال كل يوم ، ومآسي بهذه الحياة ذكرها يوجع القلب ويذرف لها الدمع دماً ، فكم من أب وأم صدما وفقدا حياتهما ، وكم من أسرة تلثمت من قضايا الخزي والعار بسبب أخطاء من صاحبها ، فيدفع كل قريب وصديق ليس له حول ولا قوة أو ذنب الثمن غالياً ، فلا أرانا الله وإياكم أي مكروه .
لكن ! نتمنى فقط أن ننجح بتذكيركم من الغـفلة ، ولنضع أسفلها خط أحمر ، ولندق الجرس المعطل بعقولنا ، فالحياة عبرة وعظة لمن أعتبر ، فانتبهوا انتبهوا يا أولي الألباب .
[email protected]
أضف تعليق