مرت غزة الصامدة قبل أيام بمنخفض جوي قطبي شديد لم تشهده غزة منذ أكثر من مئة عام خلف الكثير من الخسائر المادية المباشرة والغير مباشرة، وأغرق العديد من الأحياء السكنية المجاورة لتجمعات برك المياه، ولم تسجل سوى حالتي وفاة ومئات الإصابات.
وقد ضربت غزة مثالا كبيرا في التكافل والتضامن والتكاتف والوحدة في مواجهة هذا المنخفض، واستطاع أهل غزة مواجهة هذه الأزمة بكل قوة وثبات وصمود وتوحد من جميع أطياف الشعب بدء برأس الهرم رئيس الوزراء والوزراء ورؤساء البلديات وكافة المسؤولين ولجان الأحياء والفصائل، الكل الفلسطيني شارك في إدارة هذه الأزمة ما بين تقديم العون والاغاثات العاجلة وتجهيز أماكن الإيواء والتواجد بين المواطنين منذ الساعات الأولى للمنخفض الجوي ليلا، والجميع ارتدى ثوب التكاتف والتكافل المجتمع وخدمة المواطنين.
ما حدث كان أكبر من قدرات وإمكانيات قطاع غزة وسط ظروف الحصار الخانق والإغلاق المتواصل للمعابر وقلة المعدات والآليات التي تستخدمها طواقم وفرق الطوارئ، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع الأمر الذي فاقم من الأزمة، كما استغل الاحتلال الصهيوني رياح هذا المنخفض الشديد وقام بفتح السدود المائية على منطقة وادي السلقا وبيت حانون مما زاد من حدة الوضع وزاد من صعوبة العمل في مواجهة هذه الأزمات المتلاحقة.
كما أن أجهزة الدفاع المدني ولجان الطوارئ نفذ حوالي أكثر من 2000 مهمة إنقاذ وإخلاء لمنازل المواطنين، كما تم فتح 19 مركز إيواء وتم تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 80 حالة.
كما شكلت الحكومة الفلسطينية في غزة غرف طوارئ مركزية عملت على مدار الساعة في تأمين كافة احتياجات المواطنين ومتابعة نداءات الاستغاثة والتواصل مع الجهات الخيرية الخارجية لمساعدة المواطنين والضغط من أجل فتح المعابر لإدخال المعدات والآليات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة.
في المقابل فإن دولة الكيان الصهيوني برغم من قدراتها الكبيرة حققت إخفاقات كبيرة في مواجهة هذا المنخفض الذي أدى إلى وفاة أربعة صهاينة وتبين أن الكثير من المدن الصهيونية غير جاهزة لهذا المنخفض، فقد أدى منخفض " إلكسا " بموجب المعطيات إلى انقطاع التيار الكهربائي عن حوالي ستين ألف منزل، كما أمضى الآلاف من الصهاينة ليلهم في الطرق، ودعت جهات صهيونية إلى تشكيل لجان تحقيق من الجهات المسؤولة، فيما تم عقد جلسات متواصلة للوزراء الصهاينة لتجنب حدوث أية كارثة قادمة .
أمام هذا المنخفض الشديد توجت حركة المقاومة الإسلامية حماس ذكرى انطلاقتها السادسة والعشرين بالعمل على تشكيل فرق الإغاثة والطوارئ ونشرها بين الأحياء والتي قامت بمجهودات كبيرة تمثلت في التواجد الكثيف في المناطق التي تعرضت للغرق والعمل على تأمين الطعام والشراب للمساكن التي تعرضت للغرق وتقديم المساعدات للعائلات المتضررة والعمل إجلائها إلى مراكز الإيواء، كما أن فرق حركة حماس عملت كخلية نحل في مشهد تضامني كبير في يوم انطلاقة حماس، فقد شعر المواطنين بحجم التضامن والتكاتف المجتمعي معهم.
كما تواجدت كتائب القسام في هذه الأزمة، فقد ظهر أبناء القسام بلباسهم العسكري وهم ينتشلون المواطنين من الأماكن التي تعرضت للغرق، ويقفون بجانب المواطنين في كل مكان إلى أن انقشعت غيوم هذا المنخفض .
وقد كان للحركة النسائية في حماس دورها فاعل في هذه الأزمة فقد قامت الحركة النسائية بتوزيع الطرود الغذائية والاحتياجات اللازمة على المواطنين في مراكز الإيواء، وللأسر في منازلهم .
إن ما مرت به غزة من منخفض جوي قطبي يفوق عن طاقتها وقدراتها ولكن بفضل الله وبفضل سواعد أبنائها تم التعامل معه وتدارك أثاره وتوحدت كافة الجهود في مشهد صمودي تضامني رائع في إدارة هذه الأزمة والسيطرة عليها.
شكر لأهل غزة الصامدين .. شكرا للثابتين على أرضهم .. شكرا للرجال المقاومة ولجان الطوارئ وفرق الإنقاذ .. شكر لأصدقاء غزة والداعمين لصمودها ووحدتها .. شكرا لهم جمعيا على تضامنهم وتكاتفهم مع شعب غزة .. وستبقى غزة قلعة الشموخ والإباء ولن يكسر الحصار من شوكتها ولن يهزم إرادتها .
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
الالاالااللا