سؤال:

عناد الأطفال ما بعد الثانية وحتى السادسة تقريبا. يحتار معظم الأهل بالأسلوب: العقاب أحيانا، المسايرة أحيانا أخرى، الضرب، الشرح والتوبيخ مرات أخرى و... كيف المعالجة؟

الجواب:

هل المشكلة هي بالأنظمة؟

بالطبع لا. إن المشكلة هي ليست بتمسك الوالدين بالقوانين التربوية وباحترام الأنظمة الاجتماعية. لأنه ومن البديهي تعويد الطفل على السلوك المنضبط والتصرف اللائق.

المشكلة هي عدم توقع الأهل اعتراض طفلهم وعدم طاعته. هم اعتادوا في النسة الأولى على طفل وديع، مسالم. يتكل عليهم بأصغر حاجاته ورغباته. كبر ذلك الطفل الصغير الاتكالي ونمت شخصيته. هو يطلب الاستقلالية ويتمسك بالقيام بخدماته لوحده. هنا يبدأ التأزم. يلزم الأهل هنا تغيير أسلوبهم التربوي ليتناسب مع المرحلة الجديدة الحاضرة والطبيعية فيحصل التضارب. لم يستعد الأهل لتلك الحالة ولم يتوقع منه التمرد والاعتراض.

هل من الطبيعي طاعة الأطفال الدائمة؟

بالطبع لا. تلك حالة مثالية. الطاعة تعني تمسكه بالأنظمة واحترامه القوانين. الانضباط الدائم برضى ورغبة حالة لا تنطبق على جمهور الأطفال. لأن الأطفال بطبيعتهم تلقائيون. هم يرفضون القيود والحواجز. القوانين حدود. الأنظمة قيد وحواجز. لذا فمن غير الطبيعي طاعة الطفل التلقائية والدائمة للأنظمة والحدود. هم يرغبون بخوض التجارب والاستطلاعات بالتحدي والمجازفة. هنا واجب الأهل تدريبهم التربوي بالتحفيز والترغيب من غير المس بثقتهم وبتطور شخصيتهم السوية. لكن كيف؟

هل يحب الطفل العادة أي تكرار السلوك؟

نعم. لكن في بداية كل تعويد تربوي لا بد للطفل من أن يرفض ويعترض. حين يعود الطفل مثلا من روضته يتراكم داخل حذائه كمية من الرمال بعد لعب يوم طويل هناك. كثيرا ما تكون أيضا يداه غير نظيفتين بسبب تنوع لعبه و... تلك حالة يومية تحتاج من الأهل لتعويد الطفل على طلب غسل يديه ورجليه يويما. هذا سلوك يحتاج لتعويد كي يصبح حاجة ضرورية. التعويد هنا يحتاج لأسلوب ترغيبي. كل طفل له مزاجه وله رغباته الذاتية. من الطبيعي الفروق الفردية بين الأطفال. فالترغيب المناسب هنا هو الدراما بالقول: ( إيدينا وإجرينا كتير وسخين وما راح نقدر ننط على... النظيف. إحنا لازم إسا نغسلهن عشان نقدر ننط هناك...). على الأهل اختيار الأسلوب الذي يجعل الطفل يرغب بالنظافة ( النظام اليومي المعتاد). بعد تكرار ذلك الأسلوب يوميا ولمدة معينة يعتاد النظام ويصبح مطلبه اليومي التلقائي.

هل اعتراض الطفل على الأنظمة بالصراخ والبكاء يلزم أن يضعف ثبات الأهل؟

تلك هي المشكلة. تبدأ المشكلة عند تراخي الأهل وعدم ثباتهم على تطبيق النظام اليومي. يضعف موقف الأهل حين يتنازلون عن التنظيم وذلك لأسباب كثيرة والتي منها، ردة فعل الطفل الاعتراضية، تعبهم، انشغالهم، رغبتهم بمراضاته و... يوما بعد يوم يصبح الاعتراض والبكاء هو عادة سلوكية متكررة يومية بعد نجاحه في كسر كل نظام. هكذا يوما بعد يوم يعتاد الطفل على عادة الاعتراض (العناد) ويبدأ الأهل بالتخبط باستخدام تجارب تربوية تلقائية وعفوية وضارة.

هل من المفيد للطفل اعتراف الأهل بشرعية مشاعره الاعتراضية؟

نعم. لأن الاعتراف لا يعني كسر التنظيم. الاعتراف يساعد الطفل على فهم دوافعه العاطفية وعلى تفهم أهله بأن اعتراضه هو حالة شرعية – كما ذكرت آنفا-. حبه للتلقائية وكسر الحدود وفتح الحواجز هي حالة طبيعته. تفهم الأهل اعتراضه يؤكد له احترام طبيعته ويساعده على التطور الطبيعي والسوي. المهم هو عدم التراجع عن التعويد على التنظيم. أي لا للخوف من اعتراضه، صراخه، عناده... بل نعم للثبات. دور الأهل عند اعتراضه هو بتوجيه عبارة قصيرة تعترف له بشرعية انفعاله وطمأنته بالقول: ( إنتي إسا زعلان وغضبان. بس ترتاح وتبطّل زعلان تعال عشان...). العبارة القصيرة تضمنت الاعتراف له بحالته الانفعالية وبأنه قادر على ضبطها بعد حين. أما خاتمتها فهي ترغيبية. أي ربط ضبطه برغبة سوف ينالها. من المهم الابتعاد عن العصبية، العنف، التوبيخ، العقاب، الإهانة...

ماذا ينفعه كي يواظب على الطاعة والتعويد؟

إن أكثر ما يساعده بالتعويد على الطاعة هو عدم تقلب الأهل بالأسلوب. أي مرة مسموح الكسر ومرة غير مسموح. التنظيم المتقلب ضار بتطور شخصيته. الأسلوب التربوي الترغيبي الاشتراطي يحترم مشاعره ويتفهمها. من المهم بعد طاعته للتنظيم تنفيذ الترغيب الموعود فيه مثل، مداعبة، غمره، مفاجأة، مشوار، هدية... أنواع ترغيب جسماني، مادي، عاطفي وفكري. لا للتنازل عن التنظيم عند وجود ضيوف، عند التحدث بالهاتف، عند الزيارة أو ... التعويد التربوي هو ليس حالة مؤقتة أو لمناسبة إنما هو أسلوب حياة ثابت ومتكرر.

التعويد التربوي المستمر والثابت يجعل الطفل أحيانا في حالة ضغط. لذا يلزمه بعض أنشطة تسلية ومرح لتفريغ تراكمات عاطفية سلبية. الأنشطة الحركية والفعاليات الرياضية تعمل على تنفيس ذلك الضغط وتفريغه. يلزم الطفل في تلك المرحلة العمرية الكثير من النزهات في البساتين والساحات اللعبية. ليس الحركة الجسمانية واللعب الرياضي هو فقط للتنفيس عن الضغوط وإنما هو أيضا لتطوير النواحي الفكرية، العاطفية والجسمانية.

إنضموا الى صفحتي على الفيسبوك "الهام دويري تابري" لتلقّي أسئلتكم وللمزيد من التواصل.
عنوان موقعي الاكتروني: www.qushqush.com
عنوان بريدي الإلكتروني: [email protected]
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]