النضال ضد مخطط برافر دخل هذا الأسبوع مرحلة جديدة من المواجهة التي فرضتها الحكومة على عرب البلاد وخاصة عرب النقب. فلا بديل لنا إلا الاستعداد للوقوف ضد تسونامي المخطط وخوض معركة الدفاع عن ارض النقب كما فعل شعبنا في يوم الأرض الأول في العام 1976. إن إعلان لجنة التوجيه العليا لعرب النقب الإضراب العام يوم الأحد الماضي يعقبه يوم الغضب في 30 تشرين ثاني هو مؤشر واضح على رفضنا للمخطط والعمل على إسقاطه. فقد قررت لجنة الداخلية للكنيست، والتي تحضر قانون برافر للقراءة الثانية والثالثة، زيارة النقب. هذه الزيارة لم يتم تنسيقها مع عرب النقب، لا بلديات أو هيئات أخرى. هذه الزيارة تنظمها السلطة المعنية بتهجير عرب النقب برئاسة يهودا باخر، ولا تشمل زيارة أماكن ساخنة وقرى مرشحة للتهجير مثل قرية السر، وادي النعم، أم الحيران والسرة. كل ذلك بهدف إخفاء الحقائق عن أعضاء اللجنة. ولا شك أن الحكومة الإسرائيلية تصب الزيت على النار بتسريعها هدم البيوت والتي أصبحت أمرًا يوميًا في النقب. هذا الهدم يشمل بيوتا في القرى غير المعترف بها وفي قرى المجالس الإقليمية : القسوم وواحة الصحراء. بذلك فمخطط برافر يطبق يوميًا على ارض الواقع حتى قبل إقراره في الكنيست.

إن تصعيد النضال هو عنوان المرحلة القادمة. فالقانون سيجلب للقراءة الثانية والثالثة حتى نهاية شهر كانون ثاني 2014 . وأمام عناد وإصرار الحكومة فان كل الدلائل تشير إلى أنه سيتم إقراره في نهاية المطاف. معنى ذلك أن عرب النقب في القرى غير المعترف بها الساكنين على أرضهم وبغالبيتهم منذ قبل قيام دولة إسرائيل، سيصبحون مخالفين للقانون ووجودهم على أراضيهم سيعتبر غير شرعي، ومعارضتهم لتطبيق مخطط برافر ستعتبر أمرًا مخالفًا للقانون.

عرب النقب يواجهون اليوم حكومة عنيفة تستعمل كل وسائل البطش لتهجير جزءًا من مواطنيها وتعاملهم كمشكلة أمنية وديمغرافية. فالتحريض على عرب النقب يزداد حده يوما بعد يوم. وقد أصبح الكذب بكل ما يخص عرب النقب ثقافة تبناها الوزراء وموظفي الدولة وإعلامها. هذه الثقافة لم تجلت بك وضوح هذا الأسبوع من خلال تصريحات الوزير سيلفان شالوم المسؤول عن ملف "تطوير النقب والجليل". حيث ادعى في مقابلة صحفية معه أن سكان أم الحيران هم "غزاة لأراضي الدولة ". كان الأجدر بالوزير أن يعرف أن المحكمة المركزية في بئر السبع كانت قد أقرت أن سكان أم الحيران "ليسوا بغزاة بل جلبوا على يد الحكومة لهذه المنطقة" في العام 1956 بعد طردهم من أراضيهم الأصلية في منطقة "خربة زبالة" ومصادرتها، والتي أصبحت فيما بعد أراضي كيبوتس شوفال اليوم. لكن على ما يبدو فأن الكذب وتزوير التاريخ أصبح أهم سمات هذه الحكومة من اجل إقناع شعبها والعالم بضرورة نهب وسلب ما تبقى من احتياطي الأراضي عند الأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

من جهة أخرى فان الحكومة الإسرائيلية تكذب عندما تتحدث عن رغبتها في تطوير القرى البدوية وتحسن ظروف معيشة سكانها. لو كان الأمر كذلك لعملت على تطوير قرى مجلسي القسوم وواحة النخيل. لكنها منعت ذلك بحجة النزاع على ملكية الأراضي مع عرب النقب. يبقى السؤال لماذا لم تعمل الحكومة على تطوير القرى التي لا يوجد بها نزاع على ملكية الأراضي مثل بير هداج وكحلة وخاصة أن لهذه القرى خرائط هيكلية مصدق عليها منذ سنوات عديدة؟ لم تستطع الحكومة وممثليها الإجابة على هذا السؤال حتى الآن.

حكومة إسرائيل، والتي ترفض الاعتراف بالقرى غير المعترف بها والاعتراف بملكية أراضي عرب النقب في أراضيهم لا تطرح حلول جدية لعرب النقب بالرغم أنها تسيطر على 95 % من أراضي النقب وتعتبرها "أراضي دولة". في نفس الوقت تخطط الحكومة لإقامة 15 مستوطنة جديدة، غالبيتها على أراض وأنقاض قرى عربية قائمة قبل قيام الدولة. فقد أقرت إقامة 11 مستوطنة في منطقة عراد في العام الماضي والآن يسارع وزير الإسكان، المستوطن اوري ارييل، لاقتراح إقامة خمسة مستوطنات جديدة على شارع بئر السبع –ديمونا في قلب منطقة السياج المأهولة بغالبيتها بالسكان العرب. هذه المستوطنات هي عومريت والمخطط إقامتها على أنقاض القرية غير المعترف بها (الزرنوق) ومستوطنة طاليا مكان قرية المزرعة، غفعوت ادريم على أنقاض قرية المذبح، ومستوطنتي تلما وتيلم على أراضي قرية أم متنان. والأنكى من ذلك أن وزارة الإسكان قدمت اقتراحًا لإقامة منطقة صناعية كبيرة في مفترق عرعرة تخدم هذه المستوطنات. هذه المنطقة الصناعية مخططة للإقامة على أراضي أعدت لتعويض عرب النقب حسب مخطط برافر.

الحكومة الإسرائيلية وممثليها تشعر بالضغط وعدم الارتياح إزاء الحملة الدولية ضد مخطط برافر. من رأى الوزير السابق بيغن في جلسة لجنة الداخلية يشتم ويسب الراف اريك اشيرمان من جمعية حاخامين لحقوق الإنسان ويتهمه باللا سامية يعرف أن الحكومة الإسرائيلية محرجة ولم تفلح بإقناع حكومات العالم المختلفة أنها على حق بموضوع مخطط برافر. لقد حاولت الحكومة الإسرائيلية إقناع الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن قراره من السنة الماضية بأن المخطط عنصري ويجب إلغاءه لكن الأوروبيين بغالبيتهم يرون أن الحكومة الإسرائيلية تنتهج "سياسة جديدة" تناقض حقوق الإنسان الأولية وتصر بمطالبتها بإلغاء المخطط. إن دل هذا على شيء فانه يدل على أننا نعمل في الاتجاه الصحيح فتكثيف المرافعة الدولية يجب أن يكون احد أهدافنا في سبيل لمنع تطبيق القانون الجائر.

لا بديل عن إلغاء مخطط برافر، المخطط واقتراح القانون على حد سواء. الحل يكمن بحوار مفتوح بين الحكومة من جهة وأصحاب الأراضي وممثلي عرب النقب من جهة أخرى. في مركز هذا الحوار الخطة البديلة التي طرحها عرب النقب قبل عامين وتضمن الاعتراف بجميع القرى غير المعترف بها. إذا استمرت الحكومة في تعنتها فلا بديل عن دعم صمود الأهل في أراضيهم. نعم العالم معنا ومن الممكن إيقاف هذا المخطط المجنون.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]