صباح ال 23 من تشرين الثاني / نوفمبر الحالي ذاب ثلج الانتخابات الداخلية في حزب العمل الاسرائيلي، وبان مرج النتائج، حيث أعلن فوز إسحق هرتسوغ بفارق كبير عن رئيسة الحزب المهزومة، يحموفيتش، التي حصلت على نسبة ال 41% ، معها انها كانت تعتقد، انها تحظى بالاغلبية، لاسيما وان اغلب اعضاء كتلة حزب العمل في الكنيست، اعلنوا تأييدهم لها باستثناء النائبة "ميراف ميخائيلي" ، الصحفية السابقة، وذات الرصيد الجماهيري إلى جانب هرتسوغ ، وبقي فؤاد بن اليعازر، اقدم الاعضاء في الحزب والكنيست على السواء على الحياد.

لكنها يحموفيتش أغمضت عينيها عن وقوف ثلاث رؤساء بلديات مركزية إلى جانب منافسها هرتسوغ، هم: رئيس بلدية تل ابيب، ورئيس بلدية ريشون ليتسيون، ورئيس بلدية كفار سابا، ونامت على وسائد إستطلاعات رأي، اوحت لها بالفوز على منافسها. غير انها إستيقظت على كابوس الهزيمة النكراء. وذهبت اوهام الفوز أدراج الرياح.

قرابة ال 60% من المقترعين ال 53% من اجمالي ال55 الف عضو اصحاب حق التصويت في الحزب أيدوا الرئيس الجديد للحزب، لاعتقاد هذه الاغلبية، ان الرئيسة السابقة لم تحسن قيادة الحزب، وحشرته في الزاوية الاقتصادية الاجتماعية، ونأت به عن معترك العملية السياسية، مما أدى لنتائج سلبية جدا في انتخابات الكنيست التاسعة عشر الاخيرة، مع ان قطاعا واسعا وعلى رأسهم هرتسوغ، طالبوها بعدم إقتراف خطيئة العزلة الذاتوية، لكنها لم تستمع إليهم إلآ بعدما أدركت بالعين المجردة، ان سياستها أضرت كثيرا بمكانة وموقع حزب العمل، صاحب الدور التاريخي في قيادة النظام السياسي الاسرائيلي..

رئيس الحزب الجديد،أعلن انه "سيعمل على رفع الراية السياسية والاجتماعية معا، وسيشارك خبرته من اجل نجاح الحزب". ناشرا احلاما مشروعة بالنسبة له ولمن راهنوا عليه، عندما قال:" نحن نبدأ اليوم حملة حقيقية تهدف إلى تغيير وجه الدولة. " وكأنه اراد القول، انني سأعيد امجاد حزب العمل إلى ما كان عليه سابقا. وهو ما صرح به بن اليعازرحين قال: "سيعود حزب العمل بقيادة هرتسوغ إلى مكانه الطبيعي في قيادة الدولة كحزب حاكم او كبديل للحكم القائم، وسيعمل الحزب على إعادة الجماهير إليه".

هذه الاحلام، التي تسكن اعضاء وقادة الحزب، تبقى في دائرة التمني،لان الواقع يشي بان الشارع الاسرائيلي يتجه يمينا، لا بل إلى اليمين المتطرف.

ومع إزدياد كفة قطعان المستوطنين وانصار الاحزاب الحريدية في المعادلة الانتخابية، يصبح الرهان على إستعادة الحزب لدوره في الساحة الحزبية والسياسية الاسرائيلية أمراً مشكوكا فيه، إلآ ان إشتق الحزب سياسة واضحة على اساس برنامج سياسي يرفع راية التسوية السياسية على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ودافع عنها بجدارة داخل الشارع الاسرائيلي مظهراً دون تردد اهمية هذا الخيار لمستقبل دولة الاحتلال والعدوان، ومبينا فشل خيار الاستيطان الاستعماري، وانعكاساته التدميرية على مستقبل إسرائيل والمنطقة عموما، وفي السياق، طرح رؤية لبناء دولة كل مواطنيها الديمقراطية، نازعا فتيل الدولة الدينية، التي تتنافى مع ابسط معايير الديمقراطية، ورافضا خيار اليمين المتطرف المنادي ب"يهودية " الدولة، ومتبنيا سياسة إقتصادية تعزز مكانة الطبقة المتوسطة، وتخفف من مستوى الفوارق الطبقية، وتقلص نسبة الواقعين تحت خط الفقر. عندئذ يمكن الافتراض أن هرتسوغ يمكنه قيادة حزب العمل إلى سدة الحكم. لكن إن بقي يراوح في دائرة الاعيب نتيناهو وليبرمان وبينت ولبيد، فإنه سيفقد القدرة على التأثير في الشارع الاسرائيلي، الذي اعمته قوى اليمين المتطرف تضليلا وتشويشا بافكارها المسمومة، والمعادية للسلام وحتى للحياة الادمية في الدولة الاسرائيلية. وقادم الايام كفيل بحمل الجواب على دور وقدرة الرئيس الجديد للحزب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]