عندما طالب وزير الاقتصاد نفتالي بنيط قائلا "لا تكونوا حمقى: شغّلوا النساء والعرب والمتدينين"، فصّل الوزير المنافع الاقتصادية والعرقية المتمثلة في تشغيل المجموعات المهمشة بما فيها النساء العربيات. ربما الأمر جيد، تأثرت، حسناً ولكن ليس كفاية:
ليس هنالك شك بأن بنيط اعتمد سياسة "خلل ثنائي الأقطاب" – والتي تنتهجها حكومة نتانياهو خلال ولايته الثانية: يد واحدة تعمل على الدمج الاقتصادي للمواطنين العرب، في حين تستمر اليد الثانية في تعزيز سياسات تهميش وعنصرية اتجاه نفس المواطنين، وكأن الاقتصاد هو لأمر معزول.
في الوقت الذي تحدث به الوزير بنيط عن تشغيل النساء العربيات، فقد دعمت القائمة الشريكة لحزبه في تل ابيب-يافا، الحملة العنصرية التي حملت شعار: "سويا سنحافظ على تل أبيب يهودية"، والحملة التابعة لحزب السلطة، الليكود، في نفس المدينة كان تحت شعار: "اسكات المؤذن؟ فقط الليكود يستطيع" وفي كرميئيل قام حزب الليكود بإخافة الناخبين من بناء مسجد وهمي في المدينة لم يتم الحديث عن بناءه على الاطلاق.
في الوقت الذي يتحدث فيه بنيط عن تشغيل النساء العربيات، فان زميلته النائبة أييلت شاكيد تطوّر اقتراح "قانون أساس: دولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي" والذي يمنح تفضيل يهودية الدولة على كونها ديمقراطية. كما يقوم رئيس الائتلاف الحكومي، النائب ياريف لفين، بتطوير اقتراح قانون "حقوق المساهمين للدولة" والذي يعمل ضد الهدف الهذي نصبته الحكومة ذاتها لتشغيل العرب في القطاع العام.
ما هي الرسالة التي تصل المشغلين الذين يتوجه اليهم بنيط في مقاله المنادي بتشغيل العرب؟ ما الذي يفكر به صاحب مصنع في كرميئيل عندما يقول له رئيس قائمة الحزب الحاكم في مدينته بأن كرميئيل اقيمت بهدف تهويد الجليل وانه علينا المحافظة عليها لتستمر كمدينه يهودية؟
بكل ما يتعلق في تشغيل العرب فان المنطق الحكومي يعمل هكذا تقريبا: سنقيم سنويا مؤتمر رئيس الحكومة للشراكة والازدهار، والكل سيتكلم عاليا على التطوير الاقتصادي للمجتمع العربي في اسرائيل: نستثمر الميزانيات في البرامج، المهمة والمباركة، من اجل التطوير الاقتصادي عينه وفي المقابل سنطّوّر قوانين تعطي الأقلية العربية شعورا بأن هذه ليست دولتهم، وسنقوم بدعم حملات انتخابية عنصرية في السلطات المحلية ونُشكك في شرعية المواطنين العرب وممثليهم.
لا يمكن دمج المواطنين العرب في الاقتصاد وفي الوقت ذاته القيام بتهميشهم والتمييز ضدهم في كل مجال اخر. شخص ما في السلطة نسّي بان الاقتصاد هو مجال في علوم المجتمع، ويهدف في الاساس لتطوير أهداف اجتماعية ولا يمكنه ان يكون منفصلا من الواقع الاجتماعي الواسع. بحث لعيران يشيب من جامعه تل أبيب ونيتسا كسير من بنك اسرائيل، أظهر مؤخراً بأن التمييز ضد المواطنين العرب، فقط لكونهم عرباً، يشكل عائقاً مركزيا في طريق الدمج التشغيلي للمواطنين العرب.
هذا التمييز عميق ومتجّذر بمفاهيم اجتماعية وسياسية قوية، ولم يتوقف عندما يطالب بنيط من المشغلين "لا تكونوا حمقى وشغّلوا العرب". سيقل التمييز فقط عندما تقوم الحكومة ببث رسائل واضحه بأنها ترى المواطنين العرب جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الاسرائيلي. ليسوا فقط شركاء في الاقتصاد ووفق اهداف ذات فائدة انما شركاء متساوين ومرغوبين في المجتمع كله وفي الساحة السياسية. فقط خطوة استراتيجية عميقة من الحكومة تجاه المواطنين العرب، والتي تهدف الى تعزيز وتطوير المساواة والشراكة بالمعنى الواسع، يمكنها أن تحقق النتائج المرجوة.
* الكاتب هو مدير عام مشارك في مبادرات صندوق ابراهيم
[email protected]
أضف تعليق