قررت الانتظار حتى يخمد لهيب مجزرة دبورية، ولو قليلاً، حتى لا أتوه مع مشاعري الغاضبة والساخطة وأصل الى مكانٍ لم اقصده، فالمثل العربي يقول:" الغضب يطفئ سراج العقل"، وقال غاندي:" ساعة الغضب ليس لها عقارب".

اليوم وبعد ان دفنت بلدة دبورية الضحية الخامسة للمجزرة الرهيبة التي نفذها سفاح دبورية بشير نجار، صباح الأحد، بحق كل من بناته الثلاث، مادلين(17 عاماً)، اماني(15 عاماً) ولمى 5 اعوام، وطليقته زهيرة جيجيني والموظف في دار المسن عبدالسلام عزايزة، نسترجع هول المجزرة ونسأل انفسنا ماذا بعد؟! كيف بإمكاننا ان نمنع المجزرة التالية؟! كيف يمكننا ان نتخلص من الوحش الذي يسكن داخل الانسان ويحوله الى كتلة من الشيطان؟! كيف بإمكاننا ان نعيش ونحيا بعيداً عن الخوف والرهبة من اعز الناس الى قلوبنا ونفوسنا؟ من الأب المسلّح والاخ العنيف؟! ومن الجار مدمن المخدرات وابن الجار المغتصب وجار الجار السارق وووووو

لن الوم الدولة واذرعها الامنية المتمثلة بالشرطة فقد اثبتت منذ قيامها وفي حالات كثيرة ان لا أمل من علاجها....ولن الوم قيادة لجنة المتابعة للجماهير العربية لأنها اثبتت لنا انها" تتابع" وبحق لكن بعد ان يقع الفأس بالرأس فقط! ولن نسأل عن جدوى متابعتها ونجاعتها، فهو امر لا يعنينا في هذه الجزئية من الحدث الجلل...فالمشاركة في الجنازات والقاء الكلمات وذرف الدموع والكثير الكثير من الالم والوجع لا تمنع تكرار ما حدث!

الحل فينا، الحل فيكم يا اهل دبورية العصاميين، نعم، عليكم ان تبدأوا انتم بالحل، اجلالاً للضحايا الخمس واكباراً لهم، وتخليداً لهم حتى لا تتكرر مجزرة دبورية، لا في دبورية نفسها ولا في اية بلدة عربية او يهودية او بوذية حتى، لأنها كانت مجزرة رهيبة لا نريدها ان تحدث ثانيةً ولا في اي مكان، فكيف يعقل ان يقدم من يدعي انه اب على أخذ طفلته الصغيرة ذات السنوات الخمس الى الموت بدلا من الروضة، ان يقتلها على مرأى من امها! اي قلب، ان كان له، يتحمل هذا المشهد المروّع؟ وان يذهب الى ابنتيه اللتين كانتا في طريقهما الى المدرسة ويطلق النار عليهما من بعد صفر؟؟؟؟ لو لم اتابع هذه التفاصيل بشكل يومي لقلت انها رواية خيالية من صنع افلام هوليوود...

ويطرح السؤال، اذا كيف يكون الحل؟

الحل يكون بعدة مستويات متشابكة معا تبدأ بك انت اولاً، مرورا بالمجموعة الداعمة وصولا الى كافة المجتمع ومؤسساته.

ولنفكر سويةً بالمثل التالي: عندما تكون الشرطة معنية بمحاربة حوادث الطرق فإنها تعكف على مراقبة المخالفين ممن يقودون سياراتهم تحت تأثير الكحول، وتقبض عليهم وتزجهم بالسجن وبذلك تقلل من احتمال وقوع الحوادث.

ونحن علينا العمل سويةً من اجل كنس واخراج هذه الشريحة العنيفة من وسطنا والحفاظ على حاضرنا ومستقبلنا الواعد من براثنهم الدنيئة.

فعليك،

اولا: الافصاح والكشف عن الشخص العنيف مهما كانت قربته منك ليس فقط الى الشرطة وانما الى المجموعة الداعمة المتمثلة بشخصيات او جمعيات مؤثرة في البلدة التي بامكانها التأثير على متخذي القرار في السلطة المحلية.

ثانياً: تشكيل لجنة مهنية سواءً داخل السلطة المحلية او مستقلة من قبل وزارة الرفاه تعنى بمتابعة علاج الشريحة العنيفة والخطيرة داخل البلدة، بإقامة الملاجئ للرجال العنيفين، وليس فقط للنساء المعنّفات والعمل على اعادة تأهيلهم، اذا ما كان ذلك مجدياً، هو ما يذكرني بالمركز العلاجي" بيت نوعام" في رعنانا الذي تأسس عام 1997 ولا زال يعمل حتى يومنا والذي يعنى بعلاج الرجال والذكور العنيفين، وهو بمثابة المحطة الاخيرة قبل دخول النزيل للسجن اذا ما صلُح حاله.

يشار الى ان الكثير من النزلاء تلقى العلاج المناسب وعاد الى مجتمعه وعاش وسطه بأمن وأمان.

ثالثاً: تخليد ذكرى ضحايا مجزرة دبورية بدءاً من مدارس دبورية ومؤسساتها المختلفة وصولا الى كافة البلدات العربية...

رابعاً: على وسائل الاعلام التركيز على كون ما حدث في دبورية هو بمثابة مجزرة، نعم مجزرة، وان القاتل كان سفاحاً بشعاً لاغير.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]