السيدة "دانا افيرام" (40 عاما ً)، وهي مبدعة إسرائيلية في أدب الأطفال والأحداث، وعاملة اجتماعية في مصلحة السجون، متزوجة ولها ثلاثة أولاد. وقد كتبت تقول أنها توصلت إلى نتيجة مفادها أن "الفيسبوك" هو أشبه "بالكاليسيوم" الحديث الذي "نعرض فيه أنفسنا وننتظر حسم الجمهور، ولا أحبـّذ أن يكون فيه الأولاد بمفردهم فيه"!
تروي السيدة "افيرام" إحداثياتها فتقول:
"بعد أن أنهيت دراستي الجامعية عملت كموظفة في الشؤون الاجتماعية، وكان من بين مهماتي، إخراج الأولاد الذين تعرّضوا للعنف والتنكيل من بيوت أهاليهم. وبعد ولادة ابنيّ الأولينْ، بفارق سنة واحدة بينهما، قررت إنهاء عملي الاجتماعي، وتحقيق حلم قديم، وهو العمل في توجيه وإرشاد مجموعات من الأولاد في مجال الدراما والمسرح. وبعد خمس سنوات، عندما أنجبت ابنتي الصغرى ن، شعرت بشوق وحنين إلى العمل الاجتماعي، والتحقت بالعمل في مصلحة السجون.
لم أكن أتخيل إلى أي حد ستتغير حياتي، ففي إطار وظيفتي عالجت فئات متنوعة من السجناء، من مدمني المخدرات وحتى المختلين عقليا ً. وفي السنوات الخمس الأخيرة اعمل في قسم المجرمين المنحرفين جنسيا ً.
بعد سنة من بدء عملي في "المصلحة" كان لي لقاء ذو اثر بالغ ومزلزل، مع سجين ذي خلفية "اعتيادية"، وقد حدثني بحزن كبير عن ابنته البالغة من العمر (12) عاما ً.
إذ قال: "أنا الذي ارتكب الجناية، لكن ابنتي هي التي تدفع الثمن"! ولقد مسّت حكايته شغاف قلبي، حيث انه أدين بالتسبب بحادث طرق، وهو أمر يمكن أن يحدث لأي شخص، وقد أدركت أن ما يفصلني عنه في هذه الحالة هو يد القدر".
وتواصل "افيرام" روايتها فتقول: "في ذلك اليوم عدت إلى بيتي ورحت أتخيل ابنة هذا الرجل، وشعرت بألم تجاهها، وشعرت أيضا ً بالحاجة إلى منحها هدية تساعدها على مواجهة أوضاعها. ألفت كتابا ً عن طفلة محبوبة لها شعبية بين أترابها، يدخل والدها السجن على خلفية جنائية إدارية تتعلق بوظيفته. وكان المغزى الذي قصدته هو أن أهالينا يظلون محبّين لنا، حتى لو تصرفوا بشكل يضرّ بنا بشكل غير مباشر. لم أصـْدر الكتاب ، لكنه أدى إلى انهيار سدّ في داخلي، جعل حكايات وشخصيات للأطفال تتدفـّق خارجيا ً، وبدأت انظر إلى الحياة مثل طفلة تقريبا ً.
وتستطرد السيدة دانا افيرام مواصلة سرد الحكاية فتكتب: "أعمار أولادي 12 و11 وست سنوات، وعندما يسألونني لماذا أساعد الجنائيين، فإنني اشرح لهم ما أومن به حقا ً، وهو أنني أسعى إلى منع وقوع المزيد من الجنايات والجرائم بواسطة عملي وبواسطة جهودي في إصلاح أحوالهم وأوضاعهم. واعتقد أن نجاحي في منع المساس ولو بطفل واحد، نتيجة لجهدي وعملي، إنما هو ثمرة عمل مقدّس".
"فيسبوك"
وتضيف "دانا افيرام": ألفت كتاب "مفترس في الشبكة" في أعقاب لقائي مع مجرم سجين، روى لي كيف أغري أولادا ً لمقابلته بواسطة الانترنيت. وأدركت انه لا يكفي أن نحذر أولادنا من مقابلة الغرباء عن طريق الانترنيت، إذ أن هنالك أشخاصا ً ينتحلون الشخصيات، ويلجأون إلى الخداع والى المناورة واستخدام أساليب نفسية لا يفهمها الأولاد، ولا يقدرون عواقبها.
أدركت أيضا ً أن العالم الذي يهم الأولاد ويشغلهم في هذه الأيام هو عالم الانترنيت – العالم الافتراضي ، ونحن نرسلهن إلى هذا العالم بمفردهم وهم عزل، وهم بحاجة إلى أدوات للمواجهة الأكثر تعقيدا ً من مواجهتنا يوم كنا نحن أولادا ً في مثل سنـّهم .
ويعنى كتابي الجيد "فيس بوك" بالمواجهة التي تقوم بها فتاة صغيرة تعاني من مقاطعة عن طريق الفيسبوك، إذ أنها تنصدم وتتألم من اقتحام حياة وخصوصيات إحدى صديقاتها بواسطة الشبكة، فتقرر – مثل دون كبشوث، محاربة المقتحمين الغزاة!
[email protected]
أضف تعليق