لمعرفة أبعاد هذه الظاهرة المرضية، يجب أولاً أن نعرّف بتفاصيل حدوثها، والتي تمس القلب بصورة مباشرة.

ويُعتبر القلب، عضلة صغيرة، بحجم قبضة يد الإنسان تقريباً، وظيفته الرئيسية، ضخ الدم من القلب إلى أعضاء الجسم وتزويدها بالأوكسجين، عن طريق الشرايين، ويستقبل الدم العائد إليه عن طريق الأوردة المحمل بثاني أوكسيد الكربون. وتتراوح كمية الدم الذي يضخها القلب في الحالة الطبيعية بين 4-5 لتر في الدقيقة.

وتُقسم عضلة القلب، إلى أربع حُجرات، القسم العلوي يتواجد الأّذيْن الأيمن والأيسر، والسُفلي، البُطين الأيمن والأيسر. ومعدل نبض الانسان الطبيعي من 60-100 نبضة في الدقيقة، التي هي عبارة عن استرخاء وتقلص عضلة القلب.

والأمراض التي تصيب القلب متنوعة، يحدثنا عنها د. محمود سليمان، أخصائي أمراض القلب، واضطرابات كهرباء القلب، في مستشفى رمبام ومحاضر في كلية الطب في التخنيون.

درس د. محمود سليمان في التخنيون، وتخصص في مستشفى رمبام، وأنهى فترة تدريبه واستكماله في الولايات المتحدة في مركز "Mayo Clinic"، في موضع علاج الإضرابات الكهربائية.

أمراض القلب..

يُشير د. سليمان، أن أمراض القلب متنوعة، والتي من الممكن أن تُصيب عضلة أو غشاء القلب، الشرايين التي تغذي عضلة القلب، صمامات القلب، أو الممرات الكهربائية داخل القلب.

وتعتبر أمراض القلب الأكثر انتشاراً، هي تلك التي تصيب شرايين القلب او ما يعرف بمرض تصلب الشرايين، وبشكل عام يعاني المُصاب من انسداد في الشرايين التاجية، التي يشكو في العادة المُصاب بها، من آلام في الصدر، والحالة المرضية الأخطر هي الجلطة القلبية أو احتشاء عضلة القلب.

وتابع: هُناك عدة أسباب تؤدي إلى الإصابة في تصلب الشرايين، منها: الإصابة بداء السُكري، ارتفاع ضغط الدم، زيادة نسبة الكلسترول في الدم، التدخين، والعوامل الوراثية- حيثُ يكون الشخص لديه استعداداً أكبر بالإصابة بأمراض القلب من غيره. وأكد د. سليمان، أن مُعظم هذه الحالات ممكن معالجتها والحد منها أيضاً.

المجتمع العربي يُعاني من إزدياد في نسبة الإصابة بأمراض القلب!

وقد أشار د. سليمان، أن المجتمع العربي، يُعاني من إزدياد في نسبة الإصابة بأمراض القلب، مقارنة مع المجتمع اليهودي، وذلك يعود إلى التغيير في نمط واسلوب الحياة، من ارتفاع في نسبة المدخنين، السُمنة- التي أصبحت آفة عالمية يجب محاربتها والحد منها، وتتميز بها معظم النساء العربيات، وتؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض، منها داء السُكري، ارتفاع في ضغط الدم، زيادة نسبة الكولسترول بالدم.
ونوه د. سليمان، أنه من المهم جداً الأخذ في محاربة السُمنة، وتثقيف المجتمع من تجنبها، من خلال الايام الدراسية في المدارس والمراكز التربوية، ويمكن معالجة المرضى من خلال الأدوية والحمية، وذلك بارشاد وتوصية من الطبيب المختض والمعالج.

اضطراب ضربات القلب..

وخلال لقاءنا مع د. محمود سليمان، قمنا بتخصيص اللقاء في التحدث وتعريف متصفحي موقع بُـكرا، عن مرض اضراب ضربات القلب، حيثُ قام بشرح الحالة بالشكل التالي...

د. محمود " تصدر الشارة الكهربائية في الأُذين الأيمن، ومن خلاله تصل إلى مفترق بين الأذين والبُطين الذي هو أسفل القلب، ويُعتبر الجزء الأهم في القلب، وتنتشر في البُطين، الذي عند انقباضه يصل الدم إلى انحاء الجسم، عملية الانقباض والانبساط تبدأ العمل في جسم الإنسان منذ تكونه وحتى وفاته ".

وتابع، هُناك حالات مُعينة التي يحدُث فيها خلل في تسلسل عمل القلب، بدل من أن تخرج هذه الشارة الكهربائية من مصدر معروف بالنسبة لنا بـ sinus node ( " سينوس نود ")، ممكن أن تأتي هذه الشارة الكهربائية من عدة أماكن.

الرجفان الأذيني..

وأكثر الأمراض انتشاراً من ناحية الاضطرابات في نبض او ضربات القلب، هي ما يُسمى بالرجفان الأُذيني، أو ما يُعرف باللغة الإنجليزية ( af)، ويقول د. محمود، أن الرجفان الأّذيني عبارة عن عدة شارات كهربائية تأتي في آنٍ واحد، وتحدث خللاً في انقباض الأّذين، ويكون بشكل متسارع جداً، الذي من الممكن أن يصل إلى 300 نبضة في الدقيقة، ولحسن الحظ أن هذه النبضات لا تصل جميعها إلى البُطين.

تشخيص الحالة..

د. محمود: في العادة يشكو المريض من تسارع في نبضات القلب، أو من ضربات غير منتظمة، التعب وضيق في النفس، ارتخاء ودوخان.

خطورة الحالة..

الخطورة الأولى، في العادة المريض يشكو منها، وهي الأعراض التي قُمنا في تسميتها أعلاه ( تشخيص الحالة)، لكن الخطورة الثانية التي من المهم التنبيه عنها، التي تكون نتيجة لعدم انقباض الأذين بالشكل اللازم، وذلك بسبب " الرجفان"، الأمر الذي يؤدي إلى عدم سيله بشكل سلس، ونتيجة لذلك من الممكن أن يحدث جلطة أو تخثر في الدم داخل الأذين، الذي من الممكن أن يصل هذا التخثر إلى البُطين ومن هُناك، أن يصل إلى أجزاء مهمة في الجسم مثل الدماغ، أو يحدث سكتة دماغية، أو إلى أعضاء مهمة مثل الكلى، أو الأطراف " الأرجل"، لذلك من المهم تشخيص هذه الحالة، وفي حال تم تشخيصها، يجب إعطاء المريض دواء الذي يزيد من سيولة الدم، والدواء المتعارف عليه هو " الكومادين"، الذي يجب أن يكون المريض حذراً عند تناوله، لأن الإفراط بتناوله، يجعل من الدم سائلاً جداً مما يؤدي إلى نزيف، وفي حال تناوله بشكل غير منتظم يؤدي إلى حدوث جلطة أو تخثر في دم المريض.

كما ويجب على المريض اجراء فحص دم دوري ( INR) لمتابعة حالة دم المريض، مع تناوله هذا الدواء.

أسباب الرجفان الأذيني..

د. محمود، في العادة، يصيب الرجفان الأذيني المريض مع أمراضٍ أخرى التي تُصيب القلب، من النادر أن يُصيب المريض بشكل فردي، وهو يرافق الازدياد في ضغط الدم، السُمنة، داء السُكر، تصلب الشرايين، جلطة في القلب، أمراض الرئة.

الوقاية من المرض..

تكون الوقاية من المرض، عند الوقاية من الأمراض الثانية التي تم ذكرها أعلاه، والتي هي تؤدي إلى الإصابة به.

علاج المرض..

كما هو معلوم، فإن مرض الرجفان الأذيني، شائع، وهو من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى سكتة دماغية، لذلك من المهم جداً، أن نقوم بتشخيص المريض ومعالجته، وفي حال تم تشخيص حالة الرجفان الأذيني، يكون العلاج من قسمين، الأول، نحاول نسيطر على سُرعة القلب، ولا تكون ضربات القلب سريعة، أو غير منتظمة، ونحاول استعادتها إلى سابق عهدها، ويمكن الحصول على هذه النتائج من خلال تناول العقاقير، وفي حال لم يأت الأمر بنتيجة، ممكن أن يحتاج المريض إلى صدمة كهربائية، حتى نتمكن من إعادة الضربات إلى وضعها الطبيعي، وكي نمنع من عودة الرجفان الأُذيني لاحقاً، ممكن أن يحتاج المريض لتناول بعض العقاقير، التي وظيفتها المحافظة على النبض المنتظم، ومؤخراً بدأ مستشفى رمبام في اجراء عمليات قسطرة كهربائية، التي ممكن عن طريقها معالجة البؤر، والنقاط المعينة الموجودة في داخل الأذين الأيسر في القلب، وهي بالتالي المسؤولة عن حدوث الرجفان الأُذيني، عن طريق ادخال سلك من فخذ المريض للوصول إلى القلب، الذي من خلاله يتم اعطاء القلب شحنات كهربائية، المعروفة باسم Radio Frequency، وهي موجات او ترددات كهربائية تكوح البؤر الموجودة في الأذين الأيسر، وتستغرق هذه العملية بين ساعتين إلى ثلاثة ساعات، ويُستخدم بها البنج الموضعي، ونسبة النجاح تصل إلى 90-80 % أن لا تعود هذه الحالة إلى المريض، ويستغني عن تناول العقاقير، وهذا النوع من العمليات متوفر فقط في مستشفى رمبام ومستشفيات المركز.

وفي نهاية اللقاء تمنى د. محمود سليمان، للجميع الصحة، والوقاية من الأمراض، والشفاء لجميع المرضى، متأملاً منهم في المحافظة على سلامتهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]