يحتج الذين يجمعون بين الصلوات بدون نزول مطر بما روي عن ابن عبَّاسٍ أنّه قال: جمعَ رسولُ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ بينَ الظُّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ فقيلَ لابنِ عبَّاسٍ ما أرادَ إلى ذلِك قالَ:" أرادَ أن لا يحرجَ أمَّتَه " رواه أبو داود وأخرجه مسلم بلفظ: "في غير خوف ولا سفر"
وللأسف رغم تناقل العوام والخواص لهذا للحديث إلا أنّه قلّ من يقف عند معانيه الفقهية .
حيث أنّه لم يأخذ أحد من علماء أهل السنة والجماعة بهذا على ظاهره وإطلاقه كما فهمه البعض والبعض كثير .
وإنّما قال فريق من أهل العلم أنّ الحديث منسوخ؛ وقال بعضهم إنّه : محمولٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَصَلَّاهَا فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ فَصَلَّاهَا فَصَارَتْ صَلَاتُهُ صُورَةَ جَمْعٍ أي جمع صوريّ .
وقال بعضهم:أنّه محمولٌ على جَوَازِ الْجَمْعِ فِي حالات الحاجة والضرورة لِمَنْ لا يتخذه عادة.
وقال بعضهم أنّه مَحْمُولٌ عَلَى حالة الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَعْذَارِ وهو ما صوّبه الإمام النّوويّ.انظر : (شرح النّووي على مسلم ، 5\218)
وقال بعضهم أنّه محمول على حالة الوحل وهو رخصة للجمع بين المغرب والعشاء خاصة دون الظّهر والعصر . ( انظر : كشاف القناع،2/7)
يلاحظ ممّا سبق أنّ العلماء جميعًا لم يأخذوا بالحديث على اطلاقه وإنّما قيّدوه بأعذار لا يجوز الجمع بدونها ؛ فليت من يحتجّ بهذا الحديث ليبرّر جمعه غير المشروع أن يقف عند معاني الحديث كما استنبطها من هم أقرب منّا لزمن الوحي وأصدق نفسًا وأشدّ تقوى وفهمًا.
والله تعالى أعلم
أ.د.مشهور فوّاز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء
[email protected]
أضف تعليق