في إحدى الغابات الجميلة ، وعلى ربوة تزدان بالأزهار، وتصغي لهمس الريح والانهار ، عاش أسد قويّ يُدعى " عادل".
وكان الجميعُ يهابُون صوته وزئيره . ولكنه كان عادلًا ونزيهًا ولا يؤذي أحدًا بدون سبب .
وذات يوم ، نشب خلافٌ بين الغزال الصّغير "غندور" والقنفذ " ريْحان " على نبع الماء الصغير. قال الغزال الصغير غندور : " أنا وصلت أولًا ، فهذا النبع لي !"
ثمّ قال بصوتٍ عالٍ :

أنا الغزال الغندور
جئت النبع قبل النّور
لعبتْ وشربتْ وتسلّيتْ
وبعدين أجا هالمستور

وأشار الى القنفذ بإحدى قدميه الأماميتين
وردّ عليه القنفذ ريْحان : اعذرني ، لا أستطيع الذهاب بعيدًا ، وهذا النبع الأقرب لي ! "
وغنّى قائلًا :

أنا القُنفذ الريْحان
عطر الغابة والوديان
جيت النبع لأشرب
لقيت شو اسمو هالنعسان


احتدّ النقاش ، وارتفعت الأصوات ، حتى قررت الحيوانات التي تحضر المشهد الذهاب إلى الأسد "عادل " ليحكم بينهما .

استمع الأسد بحكمة ورويّة الى كليهما ثم قال :
غندور ؛ أنت حيوانٌ سريع وقادر على الوصول لأي نبع وفي دقائق ، في حين ان حبيبنا القنفذ " ريحان" بطيء في المشي ولا يستطيع الابتعاد كثيرًا . وقد يموت عطشًا قبل ان يصل الى نبعٍ آخَر.
هزّ الغزال برأسه وقال : صدقْتِ سيدّي ، ولكن أنا على حقّ ، فأنا فعلاً من وصل الى النبع أولًا .
ابتسم الأسد وقال :
أنْ تكون على حقّ لا يعني أن تتمسّكَ به دائمًا . أحيانًا التنازل يا صديقي عن حقِّك في سبيل مساعدة الآخر ، هو القوة الحقيقية .
فكر غندور قليلًا ثم قال بلطف:
يسعدني يا سيّدي أن أتنازل عن حقّي هذه المرة ، وسأُفتّش عن نبع آخر لأشرب منه . فريحان يحتاجه أكثر منّي.

ملأ التّصفيق أرجاء الغابة ، وزحف القنفذُ الصغير نحو الغزال وهو يصفّق بيديه الصغيرتين ويقول :

غندور يا عنوان الحبّ والايمان
يا معطّر بالجود والحسّ والألحان
كرمك سيبقى حكاية
على شْفاف التّاريخ والازمان
وتقدّم الغزال غندور من القنفذ وقبّله بين عينيه قائلًا : سأزورك يا صديقي في مطلع كلّ أسبوع لأطمئن عليك.

وزأر الأسد زئيرًا ملأ الغابة قائلًا - وهو يشير للحيوانات ان تعود الى اوكارها : غندور .. اليوم أثبتَّ لنا جميعًا أنّك الأقوى ، لأنك الأطيب .
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]