أتت المجموعة القصصيّة "بداية بلا نهاية"، كمرآة صادقة تعكس ما آل إليه واقعنا المُزري في مُختلف ميادين الحياة الثقافيّة، السياسيّة والفكريّة. وهي ليست مُجرّد سرد لمواقف وأحداث، بل محاولة جادة لقراءة الطاقات المعطّلة، والانكسارات التي أصبحت جزءًا من يوميّات الإنسان العربي في ظل التقهقر المؤسّسي وتراجع القيم.

تتميّز المجموعة بأسلوب سلس يعتمد على عبارات واضحة وبسيطة، لا تحتاج إلى الغوص أو التأويل المفرط لفهم دلالاتها. فرسائلها المباشرة تحمل في باطنها نقدًا عميقًا لواقع مُتراخٍ، ومؤسّساتٍ تقاعست عن أداء دورها، حتى باتت خيبة الأمل واقعًا مُعاشًا يتكرّر في كل قصة، وفي كل زاوية من زوايا الحياة التي تتناولها النّصوص.

لا يكتفي الكاتب بتشخيص الدّاء، بل يضع الأصبع على أماكن الوجع، موضّحًا أن هدف هذه المجموعة ليس الرّثاء ولا جلد الذّات، بل استخلاص العبر وطرح تساؤلات علّها تساهم في إحداث تغيير جذري، يبدأ من الوعي الفردي ويمتد إلى إصلاح المنظومة العامة.

وتبدو القصص وكأنها دعوة مفتوحة لإعادة النّظر في المسارات التي سلكناها، والتحرُّر من الصّمت الطويل الذي اكتفينا به أمام الانهيارات المتتالية. فكل نص يضيء زوايا مظلمة، ويبحث عن بصيص نور في نهاية نفق لم يعد واضح النهاية.

إنّ "بداية بلا نهاية"، ليست مجرّد عنوان، بل رؤية فلسفية توحي بأن كل نهاية ربما تمهّد لولادة بداية جديدة، شرط أن نمتلك الشّجاعة في مواجهة الذات، واستعادة الصّوت الذي غُيّب طويلًا
الى مزيدًا من العطاء المُثمر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]