أجرى موقع “بكرا” مقابلة خاصة مع المحلل السياسي محمد دراوشة، تناولت أبعاد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وانعكاساتها على ملفات التطبيع، الأمن الإقليمي، وصفقة الـF-35.
زيارة تحمل أبعاداً استراتيجية
في بداية الحديث، أكد دراوشة أن زيارة ولي العهد “تتجاوز البروتوكول”، مشيراً إلى أن “التقارير في واشنطن بوست ونيويورك تايمز تشير إلى أن الزيارة تحمل أبعاداً استراتيجية تتعلق بالدفاع والطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى بحث الوضع في غزة”.
ويضيف أن “السعودية تريد تثبيت مكانتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في أي ترتيبات تخص الشرق الأوسط”.
التطبيع: ضغط أمريكي… وتريث سعودي
وعن إمكانية تسريع خطوات التطبيع بين السعودية وإسرائيل، قال دراوشة إن الحديث عن إعلان وشيك “سابق لأوانه”.
وأكد: “واشنطن تضغط باتجاه التطبيع وفق ما نشرته بلومبرغ وسي إن إن، لكن الرياض تربط أي خطوة بتقدم واضح في الملف الفلسطيني، خصوصاً غزة، وبالحصول على اتفاق أمني رسمي مع الولايات المتحدة”.
وفي المقابل، أوضح أن “إسرائيل تخشى أن أي صفقة أمنية أو نووية مع السعودية قد تقلص من تفوقها النوعي، وهو ما يدفع أطرافاً إسرائيلية لمحاولة عرقلة المسعى السعودي في واشنطن”.
ثلاثة مسارات للتأثير الإقليمي
يرى دراوشة أن الزيارة ستترك آثاراً على ثلاثة مستويات:
1. أمني
“تعزيز الشراكة الدفاعية الأمريكية–السعودية سيعيد رسم ميزان القوى في الخليج، ويزيد الردع تجاه إيران”، مع الإشارة إلى القلق الإسرائيلي من منح الرياض قدرات عسكرية متقدمة.
2. اقتصادي
يوضح أن “صفقات الطاقة والتكنولوجيا تدعم رؤية 2030 وتمنح الرياض نفوذاً اقتصادياً متزايداً في المنطقة”.
3. سياسي
وأشار إلى أن “أي تقدم سعودي سيؤثر على منظومة الاتفاقات الإبراهيمية، لكن ذلك يبقى مرتبطاً بتطورات غزة”.
صفقة مقاتلات F-35: تعزيز سعودي… وقلق إسرائيلي
وحول ملف الـF-35، قال دراوشة إن “إدخال هذه المقاتلات إلى سلاح الجو السعودي سيغير معادلات القوة الجوية في الخليج”.
لكنه شدد على أن “واشنطن ملتزمة بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، ما يعني أن أي صفقة ستكون مقيّدة أو مصحوبة بترتيبات موازِنة”.
وأشار إلى أن “مجرد طرح الصفقة يعكس ثقة واشنطن بالسعودية، لكن إسرائيل تحاول الضغط لمنعها خشية تقليص الفجوة العسكرية”.
ما الذي يجب مراقبته؟ ثلاثة عناصر حاسمة
يحدد دراوشة ثلاثة ملفات مركزية ستحدد مسار العلاقات:
- “شكل الضمانات الأمنية الأمريكية للسعودية.”
- “الشروط السياسية المرتبطة بغزة ومسار الدولة الفلسطينية.”
- “تفاصيل الحزمة الدفاعية والاقتصادية، بما فيها الطيران المتقدم، الطاقة والذكاء الاصطناعي.”
ويضيف: “نجاح هذه الملفات قد يقود إلى اتفاق تاريخي مع واشنطن، أما التعقيدات الإسرائيلية فقد تبطئ الوصول إلى صيغة نهائية”.
الرؤية السعودية مقابل التخوفات الإسرائيلية
يلخّص دراوشة الموقفين قائلاً: “السعودية ترى أن شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، تشمل مظلة أمنية وصفقات دفاعية كبرى، ستعزز مكانتها الإقليمية وتمنحها أوراق ضغط في الملف الفلسطيني والتطبيع.”
في المقابل، “التخوفات الإسرائيلية تتمحور حول أن حصول السعودية على قدرات عسكرية متقدمة قد يحدّ من تفوق إسرائيل النوعي، لذلك تتجه تل أبيب للتأثير على الإدارة الأمريكية والكونغرس لتقييد أي صفقة دفاعية”.
ويخلص إلى أن “الولايات المتحدة ستجد نفسها أمام معادلة دقيقة: تعزيز الشراكة مع السعودية دون المساس بالتفوق العسكري الإسرائيلي. وهذه المعادلة ستحدد مستقبل التطبيع وتوازن القوى في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.”
[email protected]
أضف تعليق