قصة للأطفال : زهير دعيم

في صباحٍ ربيعيّ مشرقٍ ، حينما كان النسيمُ يحمل شذا الورود والرياحين ، اجتمعت حروف اللغة العربية في ساحة إحدى المدارس ، وكلّ حرف راح يلمع بزهوه وفخره ، والتحدّي يملأ العيون .
وقف حرف الألف رافعًا رأسه قائلًا :
أنا الأجمل والأحلى ! فأنا أوّل الحروف وأنا القائد ، فبدايتي تجعلُ الكلمةَ فخمة ، مُعطّرة بالأمل !

ضحك حرف الباء قائلًا :
تمهّل يا صديقي فأنا الأدفأ وأنا أُلوّن بداية كلمة "بيت" ، ومَن لا يحبُّ البيتَ والعائلة ؟
تقدّمت التّاء وقالت بثقة :
لا.. لا.. اسألوا الأطفال فأنا في قاموسهم الجميل : تعليم ، تربية وتفكير، ولا أحد ينكر جمالي ، تمهّلوا أرجوكم .
ثم جاء حرف الجيم وهو يبتسم :
لا تنسوا أنني موجود في :
جَمال وجُود وجُرأة .
وهل هناك أجمل من الجود والجمال والجُرأة ؟!

توالت الأصوات ، وكلّ حرف يقدّم ما يميّزه ، حتى بدأ الخلافُ يحتدّ ويشتدّ ، وكلّ حرف يُصرُّ على أنّه الأفضلُ والأجملُ والاحلى .
فجأة ظهرت النقطةُ الصغيرةُ والبسمةُ تلوّن فمَها وقالتْ بصوتٍ هادئٍ ورصين :
لماذا تتنافسون ؟ فأنتم جميعًا لا تكتملون إلا ببعضكم البعض ! فمن دونكم يا أحبتي لا تُكتبُ كلمة ، ولا يُقرأ شِعرٌ ، ولا تُروى حكاية ، ولا تُغرَّد قصّةٌ على جفون الأطفال .

سكتَ الجميع ، في حين صفّقَ حرفُ الحاء للنقطة وقال بحكمة :
حقًّا ... صدقتِ يا نقطة ! صدقتِ يا أختاه ، لا أحد أجمل من الآخر، نحن معًا نرسمُ اللغةَ ونكتبُ القصائدَ ونحكي القصصَ.
وسرعان ما صفّق الحروف جميعًا ، وتصافحوا وقرروا أن ينشدوا نشيدًا واحدًا، كتبه قبل أيام قليلة حرف الحاء بحكمة نشيدًا وأغنية :
نحن حروف العربيّة
رمزُ الجَمال والهوية
نحن الامل ، نحنُ العمل
نحن الحكمة المرويّة

نكتب على جبين الأوطان
قصّة كتبها الزّمان
مزروعة حُبّ ورجاء
ومغروسة بقلب الانسان

وملأ الغناء ساحة المدرسة والفضاء.
ومنذ ذلك اليوم ، لم يتنافس الحروف على الجَمال ، بل تعاونوا ليكونوا معًا الحروف الأجمل والاحلى .
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]