بقلم: يائير أفيدان


مع اقتراب انتخابات 2026، تواجه إسرائيل فرصة لصياغة ميثاق وطني جديد، يحوّل الطاقات المهدورة في الصراعات الداخلية إلى قوة مدنية خلاقة، ويهدف إلى تقليص الفجوات الاجتماعية ورفع الإنتاجية، بما يعزز مستقبلًا أكثر استقرارًا وعدالة لجميع المواطنين.

تتجلى أزمة الثقة بشكل واضح في المجتمع العربي، حيث كل أسبوع يشهد جريمة قتل جديدة، مع تآكل الثقة بين المواطنين والدولة وبين مكونات المجتمع نفسه. العنف لا يُعد مجرد ظاهرة جنائية، بل انعكاس لانكسار داخلي في العلاقة بين المواطن والمؤسسات، وبين أبناء المجتمع الواحد.

رغم الاستثمارات الحكومية الكبيرة عبر برامج مثل 922 و550 على مدى العقدين الماضيين، بقيت الكثير من الخطط عاجزة عن تحقيق أهدافها، بسبب البيروقراطية والتغيير المستمر في الائتلافات السياسية. فُتحت مراكز شرطة، وضخّت الميزانيات، لكن مستويات العنف بقيت مرتفعة، وحلّ الجرائم منخفض، والخوف المتزايد ساد الشارع.

ولا يمكن اختزال المشكلة في علاقة الدولة بالمجتمع فقط. المجتمع العربي فسيفساء من طوائف متعددة لكل منها تحدياتها الخاصة، ويجب أن يتحمّل جزء من المسؤولية الداخلية عبر إدانة العنف، تعزيز سيادة القانون، وتطوير قيادات مجتمعية وتربوية.

من جانبها، تحتاج الدولة إلى إعادة النظر في مقاربتها الأمنية والاجتماعية، عبر تنسيق بين وزارات الأمن، التعليم، الداخلية، المالية، والرفاه، مع التركيز على تعزيز القدرات الإدارية للسلطات المحلية وضمان إدارتها من قبل جهات مؤهلة. الأمن المدني يشمل التعليم، فرص العمل، البيئة الآمنة، وثقافة المسؤولية المشتركة.

ويؤكد المقال على ضرورة تغيير ذهني متبادل:

من المجتمع العربي: تحمل مسؤولية مدنية حقيقية، المشاركة في الخدمة المدنية والتطوع، وتعزيز الانتماء والشراكة.

من المجتمع اليهودي: الاستثمار في البنية التحتية والخدمات في البلدات العربية باعتبارها استثمارًا في الأمن القومي وليس "تمييزًا إيجابيًا".

يقترح المقال إنشاء هيئة الأمن المدني الوطنية، تعمل على:

تقليص الفجوات الاقتصادية بين المركز والأطراف.

زيادة نسبة المشاركة في العمل والخدمة المدنية في المجتمع العربي.

اعتماد مؤشر الثقة المدنية السنوي كمؤشر رسمي لقوة الدولة الاجتماعية، إلى جانب مؤشرات اقتصادية تقليدية.

الخلاصة: مستقبل إسرائيل يعتمد على الشراكة المدنية والاحترام المتبادل، وليس على القوة العسكرية وحدها. الاستثمار في المجتمع والثقة بين المواطنين يشكّل بنية تحتية أمنية واقتصادية في آن واحد، والوقت الآن لإشعال نور الشراكة والأمل في طريق الدولة الجديدة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]