في زمنٍ تنتصر فيه لغة العنف على لغة القلوب ، ويعلو فيه صوت السّلاح السائب على صوت الحكمة والأخلاق ، بات من الضروري أن نقف وقفة صدق ، لا مع غيرنا ، بل مع أنفسنا . فمجتمعنا العربيّ في إسرائيل يُستنزَف يومًا بعد يوم ، والدّماء تسيل في الشوارع بلا ذنْب ، وكأنَّ الحياة فقدتْ قيمتها ، وكأنّ الإنسان لم يُخلق ليعيشَ ، بل ليفني الآخر وليزرع الحزن واليتم والمصائب .
لكن في هذا المشهد القاتم ، تظل المحبّة والأخلاق هما الزرع الصالح في حقولنا ، وهما القمح الذي لا تمسّه الشوكات ، بل تصقله وتُثبت أصالته . لا أحد يُولد بالكراهية ، ولا أحد يُجبر على الغدر، بل هي القيم التي نُغذي بها أبناءَنا منذ الطفولة ، هي التي تصنع الفرق. فالطفل يقلّد أباه فإن كان الأب صالحًا حتمًا سيتعلّم الطفل الصلاح ويعيشه .
نعم واقولها بالفم الملآن وبصوت جهوري : من يزرع المحبّة لن يحصد سوى الخير. ومن يُربّي أبناءه على مخافة الربّ وعلى الرحمة وعلى احترام الآخر، سيضحي مجتمعنا حتمًا يرفل بالسلم والأمان والمحبّة .
صحيح أن الشوك كثير ، وأن الأيادي الآثمة لا تزال تعبث في أمننا ، لكن الزرعّ الطيّب لا يموت ولا يذبل ، والقمح لا يُهزم بشوكة مهما علت .
المطلوب من كل واحد فينا اليوم ، أن يكون مزارعًا للخير. أن نواجه القتل بالوعي ، والعنف بالتربية ، والإهمال بالمسؤولية . المطلوب أن نعيد للمحبّة مجدها ، وللأخلاق مكانها ولربّ السماء هيبته ، وأن نُدرك أن الصمت تجاه القبح مشاركة فيه .
تعالوا اذًا لنزرع قمحًا ، ولنُربِّ أبناءنا على الزّرع الطيب ، لأن المجتمعات لا تُبنى بالخوف ، بل بالأمل… ولن تضيرنا شوكة هنا او هناك ، ما دام في قلوبنا نبض حياة وفي صدورنا عشق للسماء .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]