لطالما وُضعت "كبسولات الزمن" في أساسات المباني والمعالم التاريخية، لكنها عادت لتصبح موضوعًا شائعًا في القرن العشرين، رغم أن جذورها تعود إلى العصور القديمة.
جذور قديمة لفكرة رسائل المستقبل
إرسال رسائل إلى الأجيال القادمة ليس فكرة حديثة. فقد بدأ السومريون باستخدام ما يشبه كبسولات الزمن عمليًا، عبر كتابة ملاحظات ورسائل على ألواح طينية موجهة إلى حكام المستقبل، ووضعوها في أساسات المعابد. وكان للسومريين الفضل في تطوير مفهوم الوقت الدقيق، من خلال تقسيم اليوم إلى 24 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة، مستندين إلى مراقبتهم للسماء.
ويعتقد البعض أن المصريين القدماء هم من أرسوا تقليد "رسائل المستقبل"، حيث زوّدوا فراعنتهم والمتوفين بكل ما قد يحتاجونه في الحياة الآخرة. فالمقابر والمعابد كانت أشبه بكبسولات زمنية، تحمل رسائل ومقتنيات توصل حضارة تلك الحقبة إلى المستقبل.
عودة الكبسات الزمنية في العصر الحديث
اكتسبت كبسولات الزمن شعبية واسعة في القرن العشرين، مع تسارع التقدم التكنولوجي وإيمان البشر بقدرتهم على ترك أثر مستقبلي.
أول كبسولة زمنية حديثة معترف بها رسميًا كانت "سرداب الحضارة"، الذي بُني بين 1937 و1940 في جامعة أوغليثورب بمدينة أتلانتا، الولايات المتحدة، بفضل فكرة ثورنويل جاكوبس، الذي يُعرف بـ"أب كبسولة الزمن الحديثة".
احتوت هذه الغرفة في الطابق السفلي على ميكروفيلم يحوي معلومات وكتبًا ومسرحيات وأطروحات دينية، إلى جانب أدوات منزلية مثل محمصة خبز كهربائية، آلة كاتبة، ألعاب ودمى، جوارب، صابون، وحتى فلوت بلاستيكي.
أُغلق السرداب على أن يُفتح في عام 6177، وهو مرتبط بالتقويم المصري القديم الذي بدأ عام 4241 قبل الميلاد، أي بعد مرور 6177 عامًا منذ بداية بناء الكبسة. وكان جاكوبس يأمل أن يشعر أحفاد البشر بنفس الذهول والتقدير الذي شعر به المعاصرون عند اكتشاف كنوز توت عنخ آمون.
كبسولات زمنية أخرى وممارسات حالية
من أشهر كبسولات الزمن الأخرى، تلك التي دُفنت في نيويورك في 23 سبتمبر 1939، وبلغ وزنها 363 كيلوغرامًا، وسميت أحيانًا بـ"القنبلة الموقوتة"، وهي أسطوانة ضخمة من سبيكة الكروم والنحاس والفضة، دُفنت على عمق 15 مترًا في حديقة فلاشينغ ميدوز.
أما اليوم، فيكتب البعض رسائل لأنفسهم أو لأحفادهم، ويخبئونها ككبسات زمنية شخصية، لتوثيق اللحظة الحالية وإرسالها إلى المستقبل، أو ببساطة لترك أثر دائم في التاريخ.
[email protected]
أضف تعليق