فيه نوع من الفساد أخطر من السرقة وأقذر من الرشوة — هو الفساد المقنَّع بالقانون.
لما عضو بلدية أو موظف يستغل موقعه مش عشان يخدم الناس، بل عشان ينتقم، يصفّي حسابات، ويستعمل صلاحياته كعصا يضرب فيها كلّ مين ما “يمشيش معه”، فهاي مش إدارة بلدية، هاي مافيا ببدلة وبربطة عنق.
من المفروض إن المنتخب أو الموظف يكون خادم للناس، لا سيد عليهم.
بس في بعض البلديات، في ناس فاكرين حالهم فوق القانون، بقرّروا مين يترخّص ومين لا، مين يُعاقَب ومين يُكافَأ، مش حسب النظام — بل حسب الولاء والانتماء والمزاج الشخصي.
وهذا هو الوجه الرسمي للعنف اللي بدمّر مجتمعنا من الداخل.
اللي بستعمل الكرسي للانتقام، بفتح باب الفوضى.
اللي بخوّف المواطن وبيستخدم سلطته كأداة تهديد، هو مجرم مقنّع بختم رسمي.
كيف نطلب من الناس تحترم القانون، إذا اللي ماسك القانون نفسه بدوس عليه؟
الناس اليوم مش ناقصها شعارات ولا خطابات عن “محاربة العنف”، لأن العنف مش دايمًا رصاصة — أحيانًا بيكون توقيع، أو قرار ظالم، أو تجاهل متعمّد لحقّ بسيط.
العنف بيبدأ من مكاتب السلطة لما يصير فيها ظلم واستغلال، ولما يتحوّل الكرسي لأداة لتصفية الحسابات.
هذول المسؤولين اللي بيستعملوا مناصبهم للانتقام من معارض أو من مواطن حر، مش بس بيخالفوا القانون — هم يهدموا آخر ما تبقّى من ثقة الناس في النظام.
وهيك، بدل ما يطفوا نار الجريمة، هم اللي بيكبّوا عليها البنزين.
المجتمع اللي بيخاف من بلديته او مجلسهُ، هو مجتمع مهدد بالانفجار.
اللي بده أمان حقيقي، يبدأ بتنظيف المؤسسات من هالنوع من الأشخاص — لأن الفساد لما يلبس بدلة رسمية، بصير أخطر من أي عصابة بالشارع
[email protected]
أضف تعليق