تلعب رؤوس الأموال الخليجية، وخاصة القادمة من قطر والسعودية، دورًا متصاعدًا في توجيه السياسات في واشنطن وأوروبا وحتى في القدس المحتلة، عبر أدوات متنوعة تشمل جماعات الضغط، وتمويل مراكز الفكر، والانخراط في مؤسسات التعليم والاستثمار المباشر — وفق ما أورده المحلل السياسي والمستشار في وزارة خارجية الاحتلال، محمد ظاهر، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت.
ووفقًا لظاهر، فإن قطر كثّفت منذ أزمة الخليج عام 2017 نشاطها داخل الولايات المتحدة، حيث تُنفق عشرات الملايين من الدولارات سنويًا على شركات ضغط ومستشارين سياسيين، إلى جانب دعمها مراكز أبحاث مؤثرة مثل مؤسسة بروكينغز، التي تُعد من أبرز الجهات المشاركة في صياغة القرار الأمريكي.
وأشار المقال إلى أن قطر موّلت إنشاء فروع لجامعات أمريكية مرموقة مثل جورجتاون وكورنيل في الدوحة، كجزء من استراتيجية لربط النخب الغربية بمؤسساتها الأكاديمية والاقتصادية، وتوسيع نفوذها في مراكز القرار.
وفي الإطار الإقليمي، أوضح ظاهر أن قطر تلعب دور الوسيط بين إسرائيل وحركة حماس، مستفيدة من نفوذها المالي وموقعها الجغرافي، إذ قدّمت خلال السنوات الأخيرة مئات الملايين من الدولارات لقطاع غزة — منها 360 مليون دولار عام 2021، ومساعدات شهرية بقيمة 15 مليون دولار عام 2018 — غالبًا بموافقة إسرائيلية وأمريكية غير معلنة.
كما لفت إلى أن القاعدة الأمريكية “العديد” في قطر، التي استثمرت فيها الدوحة أكثر من 8 مليارات دولار لتطويرها، تمنحها وزنًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية الأمريكية.
في المقابل، تتبع السعودية مسارًا مغايرًا عبر صندوق الاستثمارات العامة، الذي تحوّل إلى أداة نفوذ اقتصادي عالمي من خلال استحواذه على حصص كبرى في شركات مثل لوسيد وأوبر وصندوق رؤية سوفت بنك. وأكد ظاهر أن هذا التشابك الاقتصادي يحدّ من هامش المناورة الدبلوماسية للسعودية في ملفات سياسية حساسة مثل العلاقات مع الصين وروسيا أو قضايا حقوق الإنسان.
وأضاف أن تدفق الاستثمارات الخليجية نحو إسرائيل، خصوصًا في التكنولوجيا والعقارات والطاقة، يثير تساؤلات حول مدى تغلغل النفوذ الخليجي في المؤسسات الإسرائيلية، وما إذا كانت هذه الاستثمارات قد تُستغل لاحقًا كورقة ضغط أو مصدر معلومات.
وأشار إلى أن هناك نقاشًا داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل حول ضرورة فرض آليات رقابة على الاستثمارات الخليجية في القطاعات الحساسة، ووضع قيود على تمويل المراكز البحثية والأكاديمية ذات الطابع الأمني.
وختم ظاهر مقاله بالقول إن المال الخليجي لم يعد أداة اقتصادية فقط، بل تحوّل إلى وسيلة ناعمة لتوجيه السياسات وصياغة المصالح، وهو ما ينعكس بوضوح في مواقف الغرب من القضايا الإقليمية الكبرى، وعلى رأسها غزة والملف الفلسطيني.
[email protected]
أضف تعليق