في لقاء خاص مع موقع "بكرا"، ناقشنا قضية تمسّ ملايين النساء حول العالم، وهي التوعية بسرطان الثدي خلال شهر أكتوبر الوردي. هذا الشهر لا يأتي ليزرع الخوف رغم ارتباطه بكلمة "سرطان" التي قد تثير التوتر والقلق، بل يحمل رسالة أمل ووعي تقول بوضوح: الكشف المبكر ينقذ الحياة.

ضيف اللقاء كان السيد فاتن غطاس، مدير جمعية مكافحة السرطان في المجتمع العربي، الذي أكّد منذ البداية أن اللون الوردي والحملات التوعوية ليست مجرد رموز شكلية، بل أدوات لنقل فكرة عميقة وهادفة. فالحياة "الوردية" التي نسعى إليها تبدأ أولًا بالسلام، وتنتهي بقدرة الإنسان على العيش بأمان صحي ونفسي، والتفكير بجودة حياته بعيدًا عن التهديدات والحروب.

الكشف المبكر: مفتاح النجاة
تطرّق غطاس إلى أهمية الوعي المجتمعي، خاصة أن سرطان الثدي يشكّل ثلث حالات السرطان عند النساء، وأنه في كل يوم تُشخّص في البلاد 16 امرأة بالمرض، وهو رقم يدعو للقلق. ورغم ذلك، فإن الأمل كبير، إذ تصل نسبة الشفاء إلى نحو 97% إذا تم اكتشاف الورم في مراحله الأولى، ما يؤكد أن مفتاح المواجهة يكمن في المعرفة، وعدم الخوف من الفحص.

كسر حاجز الخوف من الفحص
الخوف من الفحص، كما أوضح غطاس، هو حاجز نفسي طبيعي لدى كثير من النساء، إذ تفضّل بعضهن الجهل على تلقي خبر قد يغير حياتهن. لكن الحقيقة الطبية تؤكد أن المرض لا ينتظر، وإن لم يُكتشف في بدايته فقد يتطور ويظهر لاحقًا في مرحلة أكثر خطرًا وتعقيدًا. ومن هنا فإن القرار بالخضوع للفحص هو قرار بالنجاة، وليس بالخوف.

التوعية تبدأ في سن مبكرة
أكد غطاس على أهمية الفحص الذاتي الشهري، إلى جانب الفحوصات الطبية مثل الماموغرافيا والتصوير فوق الصوتي، خاصة ابتداءً من سن الأربعين، أو حتى قبل ذلك في حال وجود تاريخ عائلي للمرض. وشدّد على ضرورة أن تتعرّف المرأة على جسدها، وأن تراقب أي تغيّرات في الثدي، مثل وجود كتل، تغيّر في شكل الحلمة، أو تغيّر في اللون. وأي ملاحظة من هذا النوع تستدعي زيارة الطبيب المختص فورًا، دون تأجيل أو استشارة غير المتخصصين.

كما أشار إلى أن التوعية يجب أن تبدأ في سن مبكرة، موضحًا أن الجمعية تقوم بمحاضرات للفتيات من عمر 16 عامًا، بهدف تعريفهن على أجسادهن وتثقيفهن حول أهمية الفحص المبكر، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة. وشرح أن التقييم الطبي يبدأ عادة في العشرينات، حيث تُراجع المرأة طبيبًا مختصًا يناقش معها تاريخ العائلة ويضع خطة متابعة خاصة بها.

نمط الحياة ودوره في الوقاية
إلى جانب الفحوصات، تناول غطاس أهمية الوقاية من خلال أسلوب حياة صحي. وأوضح أن الرضاعة الطبيعية تلعب دورًا مهمًا في تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، لكنها للأسف لم تعد شائعة كما في السابق. وأضاف أن انتشار التدخين بين النساء، بجميع أشكاله – سواء السجائر العادية، الأركيلة، أو السجائر الإلكترونية – يمثل خطرًا حقيقيًا، ستظهر آثاره خلال السنوات القادمة، سواء من حيث الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب والمضاعفات الأخرى.

واختتم غطاس حديثه بالتشديد على أن شهر أكتوبر ليس مجرد مناسبة سنوية، بل هو دعوة متجددة للوعي، وللتحرك الجاد، واتخاذ قرارات مسؤولة من أجل الوقاية، الكشف المبكر، والحفاظ على حياة النساء. وأكد أن السرطان يمكن التغلّب عليه، وأننا نستطيع تقليل نسب الإصابة به إلى النصف إذا تبنّينا نمط حياة صحي، وتجنبنا المسبّبات المعروفة، وانطلقنا من الإيمان بأن الوقاية دائمًا أفضل من العلاج.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]