كشف تقرير مراقب الدولة في إسرائيل عن أزمة عميقة ومتفاقمة في منظومة الدعم النفسي في المدارس، في وقت تشهد فيه البلاد تصاعدًا غير مسبوق في الضغوط النفسية التي يعاني منها الطلاب، خاصة بعد جائحة كورونا وحرب "السيوف الحديدية".
بحسب التقرير، يعمل حاليًا حوالي 2,400 أخصائي نفسي تربوي في إطار وزارة التعليم، بينما تشير التقديرات المهنية إلى حاجة لأكثر من 5,000 أخصائي لسد الفجوة، أي أكثر من ضعف العدد القائم. ويعود هذا العجز إلى نظام تشغيل لم يتم تحديثه منذ 35 عامًا، بالإضافة إلى شروط عمل ضعيفة ونقص في الحوافز، مما أدى إلى إشغال 70% فقط من الوظائف المتاحة.
نتيجة لهذا النقص، يقتصر عمل الأخصائيين على الفئة العمرية من 5 إلى 15 عامًا، ويُهمل الأطفال من عمر 0–4 سنوات، وكذلك المراهقين من 16–18 عامًا، رغم أن الفئتين تعانيان من مشكلات نفسية معقدة تتطلب تدخلاً عاجلاً.
كما أشار التقرير إلى أن متوسط مدة الانتظار للقاء الأول مع أخصائي نفسي تربوي يبلغ 55 يومًا، وهو وقت طويل جدًا قياسًا بالحاجة الفورية للتدخل في الأزمات النفسية لدى الأطفال والمراهقين. واعتبر مراقب الدولة متنياهو إنغلمان هذا الوقت "غير مقبول".
عدد الطلاب المعرضين للخطر
التقرير لفت أيضًا إلى الارتفاع الكبير في عدد الأطفال المعرضين للخطر بعد الحرب، وبيّن أن إسرائيل لم تُجرِ أي مسح شامل لفئة المراهقين في دائرة الخطر منذ عام 2009، وحتى ذلك الحين شمل المسح 70% فقط من السلطات المحلية. ويُقدَّر أن أقل من نصف هؤلاء الشباب مسجلون في خدمات الرعاية الاجتماعية.
وأظهر التقرير أيضًا تراجعًا في عدد الأطر المجتمعية لمعالجة هؤلاء المراهقين، إذ انخفض عدد المنتسبين إلى برامج "مفتان" التأهيلية بنسبة 52% منذ عام 2016، كما لم تُنشأ أي بدائل مجتمعية في المقابل، ما يدفع نحو تكثيف الإحالة إلى مؤسسات مغلقة.
في سياق موازٍ، كشف التقرير أن أكثر من نصف مليون شخص في إسرائيل تعرضوا للعنف الأسري في عام 2024، بينهم نحو 146 ألفًا عانوا من عنف جسدي خطير، إلا أن أقل من 12% منهم يتلقون أي نوع من المتابعة أو العلاج من مؤسسات الرفاه الاجتماعي. وأحد الأسباب لذلك هو غياب منظومة رقمية موحّدة لتنسيق الجهود في مكافحة العنف الأسري.
اصلاحات؟
وزارة التعليم عقّبت على التقرير بأنها بدأت مؤخرًا بإصلاحات في منظومة الدعم النفسي في المدارس، شملت توقيع اتفاقية أجور جديدة، وتوسيع مسارات التدريب، ومنح مكافآت لتثبيت الأخصائيين النفسيين في الخدمة العامة. لكن التقرير يخلص إلى أن الاستجابة الحكومية لا تزال بطيئة وغير متناسبة مع حجم الأزمة، محذرًا من أن غياب الرؤية والتخطيط سيؤدي إلى مزيد من التدهور في صحة الأطفال النفسية، وتوسّع دائرة المراهقين المعرضين للخطر.
[email protected]
أضف تعليق