كتب: مصطفى عناد
غالبًا ما يُنظر إلى السينما على أنها شكل من أشكال التعبير الفني والترفيهي، لكنها في الواقع تُشكل قطاعًا اقتصاديًا حيويًا قادرًا على المساهمة بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وتوليد فرص العمل وجذب الاستثمارات. في حديث له، يؤكد المخرج مصطفى أحمد عناد على هذا الدور الاقتصادي المحوري لصناعة السينما، داعيًا إلى رؤية أعمق لمكانتها كقاطرة للتنمية.

 "السينما ليست مجرد كاميرات وأضواء وممثلين. إنها منظومة اقتصادية متكاملة تبدأ من مرحلة تطوير الفكرة وكتابة السيناريو، مرورًا بالإنتاج الضخم الذي يشمل توظيف آلاف العمالة المباشرة وغير المباشرة، وصولًا إلى التسويق والتوزيع والعرض في دور السينما والمنصات الرقمية."

الأبعاد الاقتصادية لصناعة الأفلام

يُسلط عناد الضوء على الأبعاد الاقتصادية المتعددة التي تُقدمها صناعة الأفلام:

* توليد الوظائف: "صناعة السينما توفر فرص عمل في مجالات لا حصر لها، من المخرجين والممثلين والكتاب إلى الفنيين، مصممي الأزياء، مهندسي الديكور، عمال الإنشاءات، السائقين، شركات التموين، وشركات الأمن. كل فيلم هو مشروع ضخم يُشغل مئات الأشخاص بشكل مباشر وغير مباشر." ويضيف أن هذا يساهم في خلق "تأثير مضاعف" (Multiplier Effect) حيث ينفق العاملون أجورهم في المجتمع، مما ينشط قطاعات أخرى.

* جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية: "عندما يكون هناك سوق سينمائي مزدهر، فإنه يجذب المستثمرين. سواء كانت استثمارات محلية من القطاع الخاص أو استثمارات أجنبية تبحث عن فرص لإنتاج أفلام وتصديرها، فإن الصناعة السينمائية تُصبح وجهة جذابة لرأس المال، خاصة مع وجود حوافز حكومية مثل الإعفاءات الضريبية أو الدعم الإنتاجي."

* تنشيط السياحة: يرى عناد أن السينما أصبحت وسيلة قوية للترويج السياحي. "العديد من الدول تستخدم أفلامها ومسلسلاتها للترويج لوجهات سياحية معينة. عندما يرى المشاهد جمال مكان معين في فيلم، فإنه يُصبح حريصًا على زيارته. وهذا ما يُعرف بـ 'السياحة السينمائية' التي تُضخ ملايين الدولارات في الاقتصادات المحلية."

* صادرات ثقافية وقوة ناعمة: "الأفلام ليست فقط منتجات للاستهلاك المحلي، بل هي صادرات ثقافية. عندما تُشاهد الأفلام العربية في جميع أنحاء العالم، فإنها تُعزز من الهوية الثقافية للدول، وتُفتح أبوابًا للتفاهم الثقافي، وتُقدم صورة إيجابية عن المجتمعات، مما يُسهم في تعزيز القوة الناعمة للدولة."

* التحفيز على الابتكار والتكنولوجيا: "صناعة السينما تدفع نحو الابتكار المستمر في التكنولوجيا، من الكاميرات وأنظمة الإضاءة إلى برامج المونتاج والمؤثرات البصرية. هذا التطور التكنولوجي لا يقتصر تأثيره على السينما فقط، بل ينعكس على قطاعات أخرى."

ومن الضروري  أن تنظر الحكومات والمستثمرون إلى صناعة السينما كقطاع اقتصادي استراتيجي. "دعم السينما ليس رفاهية، بل هو استثمار يعود بالعديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المدى الطويل. يجب أن نعمل على خلق بيئة جاذبة للإنتاج السينمائي، وتوفير الدعم اللازم، وتأهيل الكوادر، لأن السينما هي المستقبل."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]