قدم د.محمود سعيد - الخبير في علاج الصدمة النفسية، توجيهات نفسية، خلال حديثه مع موقع بكرا، حول اهمية وكيفية التحدث مع اطفالنا عن الحرب.
واجبنا نحو أطفالنا في عصر الإعلام المتدفّق
أطفالنا أمانة في أعناقنا تقع على عاتقنا المحافظة عليهم وحمايتهم بكلّ ما أوتينا من قوّة، ولا نألو جهدا في سبيل ذلك، كيف لا وقد غزت التكنولوجيا ووسائل الاتّصال كالتلفاز بما تعرضه من معلومات وصور ومقاطع مرئيّة عالمَ الأطفال، ونقف عاجزين عن إدراك وفهم وقعها وتأثيرها عليهم، والحديث عنها بصراحة ووضوح ليس سهلا، وتوفير بيئة آمنة لهم لا يمكن تحقيقه، فماذا نفعل؟
واجب علينا أن ننصح ونوجّه ونجري حوارا ونقاشا هادئا حول الأمور التي يمكن القيام بها، أو تجنّبها.
أهمية الحوار والاحتواء داخل الأسرة
أولا: دمج الأطفال في محيطهم الأسري، والإصغاء الهادف إلى استفساراتهم وأسئلتهم التي تدور في مخيّلاتهم وعقولهم تجاه ما يشاهدونه من صور ومقاطع مرئية والتي تزرع الرعب والخوف، وإلّا أطلقوا العِنان لعقولهم لإنتاج تصوّرات وأوهام أشدّ سوءا من الواقع.
وهنا يبرز الدور العظيم للوالدين في زرع الشعور بالأمان من خلال الردّ على أسئلتهم باللغة المناسبة للفئة العمرية، إجابات تحتوي على ما يريدون معرفته، دون تهويل أو رعب أو، شعور بالإرهاق، كن صادقا معهم فالحديث عن الحروب بين الأفراد والشعوب بلغة سهلة وبسيطة صعب المنال، لذلك لا يجوز الانزلاق في مستنقع الكذب فنخاطر في صحّة أطفالنا، وخاصة إذا فقد الأطفال الثقة بنا فيتّجه إلى إنتاج صور وأوهام معتمدا على ذاته، لأنّه دخل في دوّامة القلق والخوف بأنّ الناصح له يكذب عليه، في الإعادة إفادة، فأعِد الحديث عن الأمر إذا لمست حاجة الطفل لذلك، امنحه الحرية في الصمت بجوّ من الأمان، وافسح له المجال للتعبير عن رغباته، وينفّس عن قلقه، كرسم لوحة يرسلها إلى أطفال يعانون من التجربة نفسها، وإظهار مشاعر الإعجاب الشديد والبعد عن السخرية اللاذعة ولو كان العمل والإنجاز بسيطا. فمن المهمّ أن يشعر الطفل بالقدرة على فعل شيء ما ولو بسيطا إذا واجه أحداثا خارجة عن إرادته.
التعامل الذكي مع المحتوى الإعلامي والتلفزيوني
لا تعرّض الأطفال للتدفق المستمر لمشاعر الأخبار والبرامج والتقارير والعروض التلفزيونية دون تمحيص ومراقبة وتقييم. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه تم تصميم هذه البرامج لتلائم عقل البالغ القادر على معالجة الصور والمعلومات الدرامية.
وفي جلسات العائلة المسائية، وفي أوقات التواصل القريب بين الوالدين والأطفال، وعلى مائدة العشاء، والعيون كلّها متعلّقة بما يبثّ على التلفاز، هنا إذا تمّ بثّ محتوى غير ملائم بشكل مفرط نبادر ودون تردد لإيقاف التشغيل.
قل لهم إنّ الحياة صراع وهي ساحة حرب يسعى فيها الأفراد للفوز غير مكترثين بما يصيب الآخرين من أذى وسوء دون اللجوء لمقارنات غير لائقة أو مخيفة. لا تستخدم عبارات مثل كما "أنت وأنا نتجادل" أو "عندما يتجادل أبوك وأمك".
كن ذكيا في تعاملك مع أطفالك، اكتشف اهتماماتهم، حدّثهم عن أيّ موضوع بقدر اهتمامهم به، فما الداعي لإلقاء قلقك ومخاوفك عليهم؟ وما الداعي للحديث عن الحرب بتعمّق إذا لم يكن لديهم الرغبة والحاجة؟ ولا داعيَ لعرض كتاب أو مقطع فيديو إذا لم يكن هناك رغبة أو حاجة حقيقية لدى الطفل وإن كانت النوايا طيبة.
لكلّ فئة عمرية ما يناسبها من طرق الحديث أو الكلام، فالقدرات تتفاوت من مرحلة إلى أخرى، فلا تخاطب أطفالك وكأنهم مجموعة واحدة غير واضحة المعالم. فطرق الحديث مع طفل في مرحلة الحضانة تختلف عن تلك التي سأتحدث بها مع طفل في مرحلة ما قبل المراهقة، والذي قد لا يتفق معي أو يعتقد العكس، والاختلاف لا يفسد الودّ ولا يوصلنا للتصادم، ولكن يجب أن تتماشى الاتصالات والحوارات دائمًا مع القدرات المعرفية والعاطفية للمستمع، وبالتالي مع كل جيل بشكل خاص.
[email protected]
أضف تعليق