في غابة بعيدة ، تزخر بالحيوانات والطّيور ، عاش ثعلب يدعى " شطّور " وكان معروفًا بمكره وكسله واللّعب على مشاعر الغير . 
	وكان ينجح احيانًا واحيانًا يفشل في الحصول على قوته اليوميّ.
	ولكنه كان مكروهًا من الكلّ في كلّ الحالات والاوقات . 
	في عَصْرِ احد الأيام ، وبعد أن استيقظ " شطّور" من نومه متأخّرًا شعر بجوع ٍ شديد ، ولكنه لم يكن يريد أن يبحث عن الطّعام بنفسه كما عادته ، فأخذ يُفكّر بحيلةٍ ، وإذا به يرى غرابًا في الجوّ يحمل في منقاره قطعة من اللحم ويحطّ بها في عشّه الواقع على شجرة عالية .
	نظر " شطّور" الى قطعة اللحم الشّهيّة فسال لُعابه عليها ، واشتهى أن يفوز بها ، فأخذ يفكّر بطريقة ليحصل عليها ، فابتسم ونظر الى فوق حيث الغراب وأنشد بصوت ضعيف : 
	الله جابك يا غراب البين 
	يا مزفّر الجوّ والنظر والعين 
	استنى شويّة حتى اعلّمك درسين 
	وازرع يومك جوع وأسى 
	ثمّ رفع صوته قائلًا : 
	ما أحلى هذا الوقت وما اجمله حين أراكَ صديقي العزيز الغراب ، وكم اشتاق ومنذ زمن بعيد الى سماع صوتك العذب الشّجيّ والحنون ، فإنّني متأكّد أنّه ليس هناك أجمل من صوتك ، فيا ليتك تغنّي وتطربني . 
	سعد الغراب بالمديح وأراد أن يظهر لِ " شطّور" جمال صوته ، لكنه تذكّر قطعة اللحم التي في منقاره .
	فكّر الغراب قليلًا ثمّ قرّر أن يضعها على أحد فروع الشجرة وبدأ بالغناء. 
	شعر الثعلب بالإحباط ، فقد فشل في الحصول على مبتغاه. 
	غابت الشمس والجوع يؤلم الثعلب الماكر ، فنام في تلك الليلة ولم ينم .. نام يفكر ويُفكّر والندم يغلبه .. 
	وفي الصّباح الباكر استيقظ " شطّور " على غير عادته نشيطًا وباسمًا ، فغسل وجهه ، ونظر نحو السماء ، وقرّر أن يُغيّر سلوكه ، فقد تأكّد له أن الذّكاء الحقيقي يكمن في الصّدق والعمل الجادّ لا في الخداعِ والمكر..
	وكم كانت فرحته كبيرة ، حين عاد في ساعات الضّحى من ذلك اليوم الى بيته يحمل طعامًا يكفيه ويزيد . 
	فنادى على الغراب قائلًا : 
	
	صد يقي الغالي يا صاحب الصوت الجميل ، في جعبتي الكثير من الطعام ، واريد أن امنحك بعضًا منه ، فانزل من عشّك بعد أن اغادر وخذه وكُله بشهية .
	فرفع الغراب صوته مغنّيًا : 
	أٌوف أُوف أُوف 
	ما أحلاك يا جارنا ما أحلاك 
	وما اجمل البسمة على مُحيّاك 
	ربّي يسعدك ويسعد اللّي ربّاك
	ويغمر ايامكم فرح وهَنا ..
	فصفّق له الثعلب تصفيقًا حارًّا.
	 
[email protected]
 
                                             
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                
أضف تعليق