برز اسم المطران حنا جلُّوف، النائب الرسولي في حلب بشكل ملفت للنظر مع بداية تحرك أحمد الجولاني وفصائله في مجموعات مسلحة تابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، واحتلالهم لمدينة حلب قبل وصولهم إلى دمشق وانتزاع الحكم والسيطرة على مؤسسات الدولة السورية. وفي هذا السياق نشر على عدد من المواقع بأنه تم تعيين المطران جلوف محافظا على مدينة حلب، الأمر الذي تبين فيما بعد عدم دقته، لكن أظهر بأن علاقة خاصة دقيقة تربط الشخصين.
واليوم تظهر الى العلن تلك العلاقة المستورة بين الجولاني وجلوف، بعد تصريحات الأخير في لقائه مع موقع الفاتيكان الاخباري اثر المجازر التي حصلت في الساحل السوري، في الأيام القليلة الماضية. فهو يتخذ موقفا منحازا الى جانب الجولاني ويدافع عنه وعن عصاباته الاجرامية دون أن ترمش له عين، فيصف تلك المجازر بأنها مجرد "قمع لميليشيات بشار الأسد" كما يسميها، وذلك اعتمادا على مصادر الجولاني الاعلامية فيقول: "من خلال المعلومات التي تمكنا من جمعها عبر المؤمنين لدينا ومن خلال الرواية الرسمية للسلطات الحكومية، يبدو أن ميليشيات بقيت موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد حاولت القيام بانتفاضة مسلحة للإطاحة بالنظام الحالي، ولكن تم قمع هذه المحاولة بشدة من قبل القوات الموالية للحكومة". ويضيف جلوف الذي يضع نفسه ناطقا باسم الجولاني "وبما أن هذه المجموعات لا تتبع قيادة موحدة، فمن الممكن أن يتصرف بعضها بعنف مفرط ضد المتمردين".
هكذا تتحول المجازر وعمليات القتل الاجرامية الطائفية البغيضة إلى أعمال "عنف من الممكن حصلت". بورك فيك أيها المطران المزور للحقيقة والمبرر لأعمال الاجرام المحرمة دينيا وانسانيا. ويستمر الجلوف بتشويه الحقائق ولا ندري اذا جمعها من جمهور المؤمنين الذين ذكرهم سابقا بأنه "للأسف، هناك أيضًا بعض الضحايا من المسيحيين، لكنهم قُتلوا عن طريق الصدفة، وليس لأنهم مسيحيون". نعم يا لها من صدفة أن يحضر عدد من المسيحيين إلى مكان الأحداث وبالصدفة يتم قتلهم. وكيف يتفق كلام الجلوف مع تصريحات البطريرك يوحنا العاشر يوما واحدا قبل تصريحات جلوف، حيث قال البطريرك صراحة ودون مواربة بأنّ "المناطق المستهدَفة هي أماكن العلويّين والمسيحيّين. وقد سقط أيضًا العديد من القتلى المسيحيّين الأبرياء". فهل هذه صدفة أيضا أن تكون المناطق المستهدفة مناطق مسيحيين وعلويين؟
يبدو أن جلوف لم يسمع ما قاله البطريرك في قداس الأحد قبل لقائه الصحفي بيومين: " أولئك القتلى ليسوا جميعهم من فلول النّظام، بل إنّ أغلبيّتهم من المدنيّين الأبرياء والعزَّل ومن النّساء والأطفال". كما لم يسمع وصمّ أذنيه عن صوت البطريرك وهو ينبّه، إلى أن "أيقونة السيّدة العذراء تُحطَّم وتُداس وتُنتهك حرمتها. وهي مريم العذراء الّتي يكرِّمها معنا جميع المسلمين، والّتي خصَّها القرآن الكريم بسورةٍ كاملةٍ "سورة مريم"، وذكر أن الله اصطفاها وجعلها أكرم نساء العالمين".
ومن يعود إلى صفحة جلوف يسمع ويرى العجب في تصريحاته المتتالية، منذ انتزاع الحكم في سوريا والسيطرة عليه ويحاول جاهدا تجميل صورة الجولاني واظهاره على أنه انسان معتدل ومسالم و"مخلّص"، كلمات لم يجرؤ على قولها أي شخص آخر، إلا من كان معاونا وعميلا للجولاني، وأربأ بالمطران جلوف أن يكون كذلك.
والسؤال لماذا لم يرفع جلوف صوته ويعمل كما فعل معلمه السيد المسيح، له المجد، حين انتهر من لطمه على خده، ولماذا لم يوجه له السؤال عن فعلته تلك؟ بل لماذا لم يتفوه بما تفوه به سيده وهو على الصليب "ربي، اغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون" وهو أقل الايمان؟
إن جلوف نفسه، وستندهش عندما تقرأ ما هو موجود على صفحته بعد لقائه مع الرئيس بشار الأسد قبل عام بالضبط "تمنى المطران بدوره لسيادة الرئيس، دوام الصحة والسير قدمًا في خدمة الوطن والمواطنين في ظلّ الأزمات والتحديات التي تعصِفُ بسورية الحبيبة". ويبدو أن جلوف يجهل أقوال سيده ومعلمه ولا يعمل بوصاياه، حين دعا مؤمنيه لأن يقفوا الى جانب الحق والمظلوم والمضطهّد.
إن الجلوف سقط في الامتحان من أول جولة، وأنشأ لنفسه شعارا على إيقاع شعار البطريرك يوحنا العاشر القائل: "فلتسقط الطّائفيّة ويحيا الوطن، ولتحيا سوريا حرّة أبيَّة"، وكأنه يقول بكلمات مختلفة: "فلتسقط الأسديّة ولتحيا سوريا جولانيَّة".





 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]