وسط تزايد الحاجة إلى عائلات حاضنة في المجتمع العربي، تبرز قصص ملهمة لعائلات قررت فتح قلوبها وبيوتها لمنح الأطفال الذين عانوا من الإهمال والعنف فرصة لحياة مستقرة وآمنة.

الفرق بين الحضانة والتبني – عقبة أم توضيح؟

رغم الحاجة الملحة لعائلات حاضنة، لا تزال هناك مخاوف ولبس شائع بين الحضانة والتبني، حيث يرى البعض أن الحضانة غير شرعية، بينما الحقيقة أن الحضانة هي رعاية مؤقتة، لا تغيّر هوية الطفل، ولا تقطع صلته بأسرته البيولوجية.

مريم وخالد، زوجان من شمالي البلاد، واجها معارضة مجتمعية عندما قررا أن يصبحا عائلة حاضنة. يقول خالد: "عندما سألنا شيخ قريتنا، أخبرنا أن الحضانة محرمة، لكنه كان يخلط بينها وبين التبني". لم يستسلما، وتوجها إلى دار الإفتاء، حيث حصلا على فتوى تؤكد شرعية الحضانة بشرط الحفاظ على هوية الطفل وإبلاغه بأصوله.

رحلة الاحتضان: من الألم إلى الأمل

بعد اجتياز العقبات الأولى، استقبل الزوجان الطفل آدم، الذي كان يبلغ من العمر سنتين عندما نُقل إليهما من ملجأ طوارئ، حيث عاش ظروفًا قاسية من الإهمال وسوء التغذية.

تتذكر مريم تلك الأيام قائلة: "عندما وصل إلينا، كان ضعيفًا جدًا. أمضينا شهورًا بين الأطباء والمستشفيات حتى استعاد صحته. كنا ندعو الله أن يصبح أقوى".

اليوم، آدم يبلغ من العمر سبع سنوات، وهو طفل سعيد ومستقر. يعرف أنه في حضانة، ويدرك أن والديه البيولوجيين غير قادرين على رعايته، لكنه يشعر بالأمان والمحبة مع عائلته الحاضنة.

كيف تقبل المجتمع قراركم؟

لم يكن الطريق سهلًا، فقد واجه الزوجان انتقادات في البداية، لكن مع مرور الوقت، أصبح آدم جزءًا لا يتجزأ من العائلة والمجتمع. بل إن آدم نفسه كان متحمسًا عندما علم أن أسرته ستستقبل طفلة جديدة. تقول مريم: "منذ أن أخبرناه بذلك، لم يتوقف عن السؤال: متى ستصل؟ كم تبقى حتى تأتي؟ حتى أنه قال لي: سأعتني بها كما اعتنيتم بي".

"يكفيني أن تناديني بابا" – ما الذي يدفع العائلات للحضانة؟

الاحتضان ليس مجرد تقديم رعاية لطفل في حاجة، بل هو علاقة متبادلة تترك أثرًا عميقًا في حياة العائلة نفسها.

يقول سليم، أحد الآباء الحاضنين: "الناس يظنون أن الاحتضان هو فقط عطاء من طرف واحد، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا. هذا الطفل يمنحك حبًا لا مثيل له. يكفيني أن تنظر إليّ مروة وتبتسم، ثم تناديني 'بابا' – لا يوجد شعور في العالم يضاهي ذلك".

أما مريم، فتؤكد أن التجربة غيرت حياتها بالكامل، وتختم قائلة: "في ديننا، يُقال إن ما يُعطيه الإنسان، يرده الله إليه أضعافًا. عندما تحتضنون طفلًا بالحب الحقيقي غير المشروط، ستنالون أعظم حب في المقابل".

عشرات الأطفال ينتظرون منزلًا دافئًا

وفقًا لوزارة الرفاه الاجتماعي ومؤسسة "أدنم – بيت للأطفال والعائلات الحاضنة"، هناك عشرات الأطفال في المجتمع العربي يعيشون في ظروف صعبة، ويحتاجون إلى عائلات توفر لهم الأمان والاستقرار.

توضح سندس زبيدات خلايلة، مركزة عائلات الحضانة في الوسط العربي، أن العائلات الحاضنة ليست مجرد مأوى للأطفال، بل هي أمل جديد لهم، وبداية لحياة مليئة بالحب والاستقرار.

أما عدي مكل، مديرة خدمات الحضانة في وزارة الرفاه والأمن الاجتماعي، فتؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه العائلات الحاضنة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، قائلة: "العائلات الحاضنة ليست مجرد حل مؤقت، بل هي ركيزة استقرار للأطفال الذين فقدوا الشعور بالأمان والانتماء. إنها تمنحهم فرصة حقيقية للشفاء والنمو".

كيف تصبح عائلة حاضنة؟

لمن يرغب في معرفة المزيد حول إمكانية أن يصبح عائلة حاضنة، يمكنه *التواصل عبر الرقم 4561*، حيث توفر مؤسسة "أدنم" كافة التفاصيل والإرشادات اللازمة لدعم هذه الرحلة الإنسانية الفريدة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]