تشير الأبحاث إلى أن الإصابات الجسدية تُعدّ من الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة بين الأطفال، إلا أن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عصبية-تطورية، مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) والتوحد، يكونون أكثر عرضة للإصابات. كما أظهرت دراسة جديدة وجود اختلافات بين أنواع الإصابات التي يتعرض لها الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات مقارنةً بأقرانهم الذين لا يعانون من مشاكل تطورية.
الدراسة، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة JAMA Network Open، أُجريت بقيادة البروفيسور عِيدان مناشيه من كلية الصحة العامة والمعهد الوطني للتوحد في جامعة بن غوريون بالنقب، وبالتعاون مع الدكتورة دوريت شموئيلي، المتخصصة في طب أعصاب الأطفال ومديرة قسم تطور الطفل في "كلاليت"، والبروفيسورة أبيفا ميموني بلوخ، مديرة معهد تطور الطفل في مركز ليفنشتاين الطبي لإعادة التأهيل.

نتائج البحث: ارتفاع معدلات الإصابات عند الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة

استندت الدراسة إلى بيانات شاملة لأكثر من 325,000 طفل من المرضى التابعين لمنظمة "كلاليت" الصحية، حيث قارن الباحثون بين معدلات التوجه إلى غرف الطوارئ بسبب الإصابات بين ثلاث فئات:
الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
الأطفال المصابون بالتوحد.
الأطفال الذين يعانون من كلا الاضطرابين.
ثم قورنت نتائج هذه الفئات مع بيانات الأطفال الذين لا يعانون من اضطرابات عصبية-تطورية.

وجد الباحثون أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة (ADHD) لديهم معدل أعلى من الإصابات مقارنةً بالأطفال ذوي التطور الطبيعي، بينما الأطفال المصابين بالتوحد لم يسجلوا ارتفاعًا في معدل الإصابات مقارنةً بالأطفال العاديين.

أنواع الإصابات المختلفة بين الأطفال المصابين بالتوحد وADHD
أحد الاكتشافات المثيرة في الدراسة كان الفروق بين أنواع الإصابات التي يتعرض لها الأطفال.

الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD):
لديهم معدل أعلى من جميع أنواع الإصابات مقارنة بالأطفال العاديين.
يتعرضون بشكل أكبر للإصابات الناتجة عن السقوط، الحوادث الخارجية، والجروح من الحيوانات.
الأطفال المصابون بالتوحد:

معدل الإصابات الخارجية، مثل الإصابات العظمية والجروح الناتجة عن الحيوانات أو السقوط، أقل مقارنةً بالأطفال العاديين.

لديهم نسبة أعلى من الإصابات المنزلية، مثل الحروق، الاختناق، وابتلاع الأجسام الغريبة.

أما الأطفال الذين يعانون من كلا الاضطرابين (التوحد واضطراب فرط الحركة)، فقد وجد الباحثون أن نمط الإصابات لديهم يشبه أكثر نمط الإصابات لدى الأطفال المصابين بالتوحد وليس المصابين بـ ADHD.

أهمية الإشراف التعليمي في تقليل الإصابات
أحد التفسيرات لهذه النتائج، وفقًا للدكتورة دوريت شموئيلي، هو أن الأطفال المصابين بالتوحد يحصلون على إشراف ورعاية مكثفة داخل المؤسسات التعليمية، مما يقلل من تعرضهم للإصابات أثناء وجودهم في المدرسة أو الحضانة. ومع ذلك، في المنزل، حيث تكون الرقابة أقل، ترتفع معدلات الإصابات لديهم إلى مستوى مماثل للأطفال المصابين بـ ADHD.

توصيات وتحذيرات للآباء والمسؤولين
تؤكد البروفيسورة أبيفا ميموني بلوخ أن هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة إلى زيادة الوعي حول المخاطر التي قد يواجهها الأطفال ذوو الاضطرابات التطورية، سواء في المدارس أو المنازل. وتقترح:
تطوير برامج توعية للأهالي والمربين حول سبل حماية الأطفال في البيئات المختلفة.
تصميم بيئات منزلية آمنة للأطفال المصابين بالتوحد، للحد من مخاطر الاختناق أو الحروق.
تعزيز برامج الإشراف في المدارس للأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة لتقليل خطر الإصابات الخارجية.

المستقبل البحثي
يشير البروفيسور مناشيه إلى أن الخطوة القادمة في البحث ستكون تقييم فعالية برامج الوقاية المصممة خصيصًا للأطفال الذين يعانون من هذه الاضطرابات، وذلك بهدف تقليل نسبة الإصابات وتحسين جودة حياتهم.

هذه الدراسة تمثل نقطة انطلاق هامة نحو فهم الفروق في الإصابات بين الأطفال ذوي الاضطرابات العصبية-التطورية، ما قد يساعد في تحسين الرعاية الصحية والتعليمية لهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]